سياحة الطعام |نوع خاص من رحلات الاستكشاف تتذوقها فتعرف ثقافة شعبها

هل سمعت من قبل عما يسمى سياحة الطعام!! قد يكون المصطلع غريب عليك بعض الشيئ إلا إنه موجود ومتوفر منذ فتة بعيد، وهو باختصار فكرة السفر من أجل التذوق، والبحث عن مدن اشتهرت بأكلات معينة.

فمن منا لا يحب تذوق بعض الأطعمة الجديدة بين الحين والآخر، ويهتم بمعرفة المطاعم الجيدة من حوله، سواء بمدينته أو بالمدن والمناطق التي يود الذهاب إليها، ومن منا أيضًا لا يقضي يوميًا عدة ساعات على مشاهدة فيديوهات تجربة الأكلات المختلفة وتقييم الطعام، ومسابقات الطهي.
“السفر إلى مكان سيقودك حتمًا للتعرف والإحساس بالمكان”، قالها إريك وولف، المدير التنفيذي لرابطة السفر العالمية للأغذية تعقيبًا على مشاعرك أثناء السفر لاستكشاف جميع أنواع الثقافات، فالسفر هو بوابة الانفتاح الكبير على العالم لنشر الثقافات وتداخلها. ويعد الأكل عنصر رئيسي من ثقافات الشعوب.
فعلى سبيل المثال، لدينا الآن المطبخ الأوروبي والمطبخ المصري والمطبخ العربي، وكذلك في لكل دولة مطبخها الخاص، وتُصَنَّف عالميا وفقا لأفضلها وأكثرها انتشارًا وتفضيلًا بين الناس.

سياحة الطعام Food Tourism

انتشر مفهوم  سياحة الطعام أو سياحة الأكل Food Tourism كمصلح جديد على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبره البعض مهنة

وهي “الفود بلوجر” وتعد تلك المهنة تمثيلًا لناقدي الطعام بشكل أكثر عصرية، سواء ببلادهم ذاتها أو بالسفر لبلاد عدة.
وبالتزامن ارتبطت هذه المهنة مع ازدهار سياحة الطعام، في حين يسافر البعض من أجل زيارة معالم اثرية أو لخوض مغامرات جديدة، هناك الكثير من الأشخاص الذين اتجهوا للسفر فقط من أجل تذوق الطعام.

وفقط لتجربة أكلات مختلفة حول العالم، ومنها تصبح الوجهات السياحية في المرتبة التالية بالنسبة إليهم.
لذا أصبحت سياحة الطعام من أقوي وأكثر أنواع السياحة انتشارًا خاصة هذه الفترة، وحتى المناطق الريفية والمدن الجديدة صاحبة طقوس طهي الطعام الخاصة، أصبحت هي الأخرى في صدارة وجهات السفر.
وإن كنت من محبي “سياحة الطعام” لا يفوتك هذا التقرير من الرحالة والمسافرون العرب.

أشهر وجهات سياحة الطعام

لكل بلد أكلة محددة تشتهر بها ويسافر لها الزوار مسافات لتذوقها مثل البيتزا الإيطالية، أو الكشري المصري، والتبولة اللبناني، أو المنسف الأردني، لذا هيا بنا نذهب في جولة لمعرفة أشهر الأكلات من مختلف انحاء العالم حتى تضعها في قائمة أولوياتك عند التخطيط لرحلتك القادمة.

سياحة الطعام في مصر

في بلدنا الحبيبة مصر نجد تنوعًا هائلًا في اختيارات الطعام، خاصة بعد اندماج عدة ثقافات من دول أخري، لكن تشتهر مصر ببعض الأكلات التي لن تجد لها مثيلًا في العالم، لذا لنأخذك في رحلة البحث عن أفضل الأكلات الشعبية في مصر والتي يمكنك تجربتها عند زيارتك القادمة للسياحة في مصر.

اولأ: طبق الكشري

من أشهر الاكلات الشعبية بختم مصري أصيل، والكشري يتكون من المعكرونة والأرز والعدس والحمص والبصل المقلي وصلصة الطماطم ثم هناك المكون السري الذي يعطيه نكهة مميزة وهي التقلية.
وهي أكلة شعبية منخفضة التكلفة لكن تجربة مميزة عليك تذوقها، وهناك عدة مطاعم متخصصة في الكشري في مصر، ومن ضمنها كشري أبو طارق، كشري التحرير، كشري السلطان، كشري سيد حنفي وغيرها.

ثانيًا: الكبدة الاسكندراني

في قلب عروس البحر، مدينة “الإسكندرية” العريقة تشهد أفضل اختراعا، ويمكنني القول إنه الأقرب إلى قلبي شخصيا، سوف تداعب الرائحة الزكية أنفك من على بعد أمتار، وهذه ليست مبالغة، انتظر حتى تجربها بنفسك، فلديها قدرة سحرية على جعلك تتناول كمية كبيرة منها حتى إن لم تكن جائعا، وأصبح تواجد الكبدة الإسكندراني ليس مقتصرا على الإسكندرية فقط، بل في أنحاء مصر، لذا؛ ضعها الآن في بداية قائمة الطعام الذي يجب تذوقه في مصر. ومن أشهر مطاعم الكبدة الإسكندراني تجد كبدة الفلاح في الإسكندرية متصدرا للقائمة بالإضافة إلى عز المنوفي وكبدة البرنس وغيرها.

سياحة الأكل في ايطاليا

ننتقل من مصر إلى الضفة الأخرى حيث توجد إيطاليا ويتميز الطعام الإيطالي بأنه تجربة لا تعوض حيث يعرف بساطته وتركيزه على المكونات الطازجة عالية الجودة والنكهات المميزة، وبالطبع فور اجتماع كلمة طعام مع إيطاليا، ظهرت في مخيلتك تلك العجينة الدائرية ذات الصوص الشهي والخضراوات الطازجة وجبن الموزاريلا التي تضفي إلى مذاقها المزيد، لكن لن نكتفي بها وإن كانت من أشهر الأكلات الإيطالية.

أولا: البيتزا الإيطالي

نعم كما توقعت تماما، البيتزا الإيطالي يجب عليك تذوقها من إيطاليا، لن تندم إطلاقا، ويمكن أن يصل بك الحد إلى تناولها كل يوم وحتى لحظة المغادرة، هذا ما شاركه “فادي معوض” عن تجربته في سياحة الطعام خلال زيارته لمدينة إيطاليا، فكتب “بما أن هدفا أساسيا لنا في أي سفرية هو سياحة الأكل، وبما أن إيطاليا بلد الأكل، بدأت التجربة فى ميلانو للبيتزا السلايس السميكة وكانت جميلة جدًا، خاصة وأننا نحب العجينة الممتلئة بالجبن.
وثانيًا جربنا “الباستا” وهي تبقى مختلفة عن التي اعتدناها فقوامها أكثر سمكًا، أما “اللازنيا” “بتنزل القلب مش المعدة”.

ثانيًا: الباستا

تشتهر إيطاليا بمطاعم الباستا التي يتم صنعها يدويًا، تفضي نكهة وطعم مميز لهذا الطبق البسيط والراقي وتعود أصلها الي روما القديمة ومن أشهر أنواع الباستا الإيطالية: السباغيتي، الفيتوشيني والبيني وغيرها

ثالثًا: التراميسو

إن كنت من محبي الحلويات، فلا يفوتك تجربة التراميسو في إيطاليا، فلن تتذوق حلاوته التي تأخذك الي عالم آخر تتمنى فيها أن  تظل في هذه اللحظة الي الآبد.

سوف يجعلك التراميسو تشعر بالبهجة بكل تأكيد لما يحتويه من الكريمة ونكهة القهوة المميزة، حيث يتم غمس بسكويت “الليدي فينجر” الذي يعد من أساسيات هذه الحلوى في الإسبريسو.  ثم وضع طبقات من الكريمة والجبن الماسكاربوني وهكذا حتى نصل الي الطبقة الأخيرة، ثم توضع رشة من الكاكاو لطعم أكثر لذة.

سياحة الطعام في تركيا

تعد تركيا وجهة سياحية مميزة تمتع بثقافة وتاريخ عريق، تقدم أشهي الاكلات والعديد من أصناف الطعام، وننقل رحلة تذوق “محمد” أحد المسافرون العرب الذي شارك رحلته الي تركيا عبر فيسبوك.

و نقل خلالها تجربته واصفًا أفضل الأطعمة التي تذوقها في تركيا، التي تشتهر بكثيرًا من الأكلات المميزة خاصة اللحوم والكفتة واضنة كباب والبوريان التركي.

ومن أفضل المطاعم التي تقدم هذه الاكلات مثل البوريان والكفتة في تركيا هو مطعم عصمت “Ismet Büryan Kebap “

وكذلك الكومبير وتعد من الأطباق التركية التقليدية التي اشتهرت بها تركيا دون سواها، وهي عبارة عن حبة بطاطس مشوية بقشرتها الخارجية يتم شقها بطريقة طولية، ويتم مزج داخلها بالزبدة ثم تحشي بمكونات مختلفة حسب رغبتك مثل الموزريلا أو اللحم او والبصل.

إضافة إلى الفليفلة الحلوة، والزيتون والفطر، وبعض المكونات الأخرى، والمايونيز، والكاتشب، والخردل وتتميز بتقديمها ساخنة ويتم تحضريها امامك حتى تحافظ على مكوناتها.

لا يمكن ذكر تركيا دون الحديث عن حلوياتها الفريدة؛ حيث تعد البقلاوة بشكل خاص من أول وجهات محبي سياحة الطعام في تركيا واكثرهم شهرة.ويعود تاريخ البقلاوة إلي الإمبراطورية العثمانية.

والبقلاوة التركية يتم إعدادها محشوة بالمكسرات، ومغطاة بالشراب الحلو،  والفستق المطحون بلذة لا تُنسى، من أشهر محلات البقلاوة التركية هو كاراكوي جول أوغلو “Karaköy Güllüoğlu” وحافظ مصطفى ““Hafiz Mustafa منذ 1864.

أشهر أنواع سياحة الأكل بالعالم Food Tourism

• السوشي: تشتهر به اليابان، وهو عبارة عن طبق من الأرز المطبوخ الممزوج بالخل والسكر، ويُقدم عادة مع المأكولات البحرية والخضروات.
• التاكو:أشتهر في المكسيك، وهو عبارة عن نوع من التورتيلا المحشوة باللحم أو المأكولات البحرية أو الخضروات، وتُقدم مع مجموعة متنوعة من التوابل.
• الكبسة: وهي أكلة من الأرز المطبوخ مع اللحم أو الدجاج وتُقدم عادة مع صلصة الطماطم والبصل المقلي والمكسرات، وتشتهر بها دول الخليج.
• الشاورما السوري: وهي شرائح من اللحم المشوية، وتُقدم عادة مع الخبز أو الأرز أو السلطة.
  المنسف: وهو طبق أردني تقليدي يُعدّ رمزًا للضيافة الكريمة في الأردن.
  التبولة اللبنانية : هي سلطة بطريقة خاصة تتميز بنكهاتها المنعشة ومكوناتها البسيطة، وتُقدم عادة كطبق جانبي.

عيوب سياحة الطعام

هل يمكن أن يكون لسياحة الطعام عيوبًا تؤثر في السائح او في البلد التي يزورها،

لنتخيل معًا الآتي، أثناء مشاهدتك لاحد البرامج او المسلسلات، او حتى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي،

مرت امامك أحد الاكلات الشهية وتم ترويجها بصورة شهية للغاية وعبر تقييم أحد متذوقي الطعام او “فود بلوجر” لها،

مع التأكيد على لذتها وحلاوة طعمها واخبارك ينبغي عليك تذوقها الان لا تفوتك. في تلك الحالة، ان كان المطعم محليًا أو بالقرب منك ستذهب فورًا لتجربته ويمكنك دفع مبلغ كبير فقط مقابل تحقيق رغبتك في تجربتها، بسبب حماسك لما شاهدت،

في تلك الحالة ان كان الطبق شهيًا ستشهر بالسعادة والمتعة المطلوبة، لكن تظهر عيوبها هنا ان كانت نتيجة التجربة ليست كما توقعتها.
نتيجة لذلك تشعر بعدم الرضا والندم على المبلغ الذي قمت بإنفاقه، حيث لم يرتق الطعم لمستوي توقعاتك التي وضعتها وفقا لتخيلات وهمية صورها لك أحدهم للترويج للمطعم او المكان،

وعلاوة على هذا يتفاهم هذا الشعور ان لم تستطع السفر لتجربة هذا الطعام، وتضطر لتجربته من أحد المطاعم المقلدة حيث يصنعها بشكل مشابه، فتضع رأيك بناء على التقليد ليس الأصل، وقد يعد هذا ظلمًا للوصفة الأصلية.
علي غرار هذا ان كانت الاكلة متوفرة في دولة اخري، ستشعر برغبتك الملحة للسفر فقط لتجربة هذا الطعام الذي تريده مع تكاليف باهظة من سفر وحجوزات وغيرها.

الطعام أفضل مروج للسياحة .. وتذوق حتى تري

ازدهرت سياحة الطعام مؤخرًا، عن طريق اهتمام الدولة بالترويج للأكلات المميزة في كل دولة، وإعلانات أشهر المطاعم والمقاهي لتحفيز الزوار لسياحة البلد لتجربة للأكلات المتوفرة بها.
وكما ذكرت منظمة السياحة العالمية، فان السائح ينفق ثلث تكلفة الرحلة على الطعام،

ولهذا اتجهت هيئات السياحة الي الاعتماد على الأكل التقليدي والأكلات الشعبية المرتبطة بالدولة للترويج للسياحة لتلك الدول.

وفي النهاية وفقًا لعدة دراسات هامة، ازداد عدد المسافرين من أجل سياحة الطعام، واتضح منها أن عدد كبير من المسافرين يفضلون استكشاف الطعام المحلي والشعبي للدولة لأنه يساعدهم في فهم ثقافتها.

وكذلك يعودون من جديد لنفس البلد من أجل أكلة معينة، كذلك أصبحت أكشاك الطعام وتجربة أكلات الشوارع ومهرجانات الأطعمة والتذوق واقعًا في عالم السياحة. بل أصبحت تلك الأسواق أماكن أساسية للسائحين لزيارتها وتذوق اشهي الطعام واغرب المأكولات فيها، إضافة إلى استعراض طرق ومهارات الطهي في الهواء الطلق، وممارسة نشاطات استثنائية لتجربة تذوق فريدة من نوعها.

كتبت/ هدير أيمن الرهوان