شاطئ المنتزه في الاسكندرية: رحلة إلى الشاطئ الملكي

شاطئ المنتزه | “إسكندرية احسن ناس عالبحر ماشية تتمختر.. من سيدى بشر لأبو العباس أيوة يا عالم ع المنظر.. أيوة يا عالم ع المينا والشوق بيتمرجح بينا.. وتلتميت ألف سفينة.. عالبحر ماشية بتزمر”.

بكلمات ذات لحن مميز وصوت عذب لا ينسى، وصفت داليدا سحر عروس البحر المتوسط، الذي لا ينسى، بداية من ناسها وبحرها وشوطائها مرورًا بمعالمها السياحية وشوارعها المشهورة ذات الطابع الخاص، وانتهائًا بسفنها التي ترسى في موانيها.

مئات الكلمات في عشرات الأغاني المزينة بألحان التي تتمايل لها الرؤوس وتطرب لها الآذان، وذات الإيقاع من الممكن أن يستقر في ذهنك لسنوات، يمكنها وصف الإسكندرية وما تتركه من بصمة في قلووب عشاقها، فلكل عاشق طابعه المختلف الذي تركته مدينته المفضلة بداخله.

ورغم ذلك تستطيع كتابة المزيد من الكلمات والألحان في وصف كل تفصيلة في الإسكندرية وفي معاني جديدة لم تتناولها من قبل.

خلال هذا التقرير يصحبك الرحالة في جولة سريعة داخل أحد منابع سحر عروس البحر المتوسط، إنه شاطئ المنتزه، كل ما عليك أن تترك لذهنك العنان وتستمتع في جولتك الافتراضية داخل عروس البحر المتوسط.

مياه زرقاء شديدة النقاء منعكسة على لون السماء، ورمال بيضاء على قدر من النعومة وصوت أمواج البحر يتخلله صوت الهواء الذي يلمس وجنتيك وقد يجعل قبعتك تطير، مع رائحة اليود التي تميز المدن الساحلية.

مزيج من المشاعر الذي يرتبط بكل حواسك ستشعره داخل شاطئ المنتزه، ذلك الشاطئ الذي يعد من أفضل الشواطئ في الإسكندرية وأكثرهم جذبًا للمصيفين، لما يمتلكه من عناصر جمال الطبيعة.

قصة بناء شاطئ المنتزه

الطابع الملكي الذي اكتسى به شاطئ المنتزه بدأ منذ صيف عام 1892، حينما مر من عليها الخديوي عباس حلمي الثاني، لكن سيره على رمالها لم تكن مجرد لحظة بديعة فحسب، بل تحولت إلى شغف ورغبة في التقرب منها يوميًا، ليأمر بإعداد 80 حمارًا من حمير المكارية ليركبها هو ومن بصحبته، على أن يرافقهم عازفي الموسيقى الخديوية.

وازداد حب الخديو لهذا الشاطئ في كل مرة سار فيها موكبه على رمالها، بعد أن سحرته ألسنتها الجميلة الداخلة في البحر، وأسلوب تسرب الماء بين ثناياها الصخرية في خرير مبهر، وهو ما آل به في أحد الأيام إلى تجاوز هذه المنطقة بمسافة كبيرة، حتى وجد نفسه في مكان تكتنفه رابيتان عاليتان يبلغ ارتفاعهما 16 مترًا، وبينهما ضلع صغير، وفي طرفه الشمالي جزيرة صغيرة.

ومن هذه اللحظة استقر الخديو أن يحول هذه المنطقة إلى مصيف له، وفي سبيل هذا أنشأ قصرا، على إحدى الرابيتين، يُعد من إحدى التحف المعمارية بموجب مزجها للعمارة الكلاسيكية والقوطية بمراحلها المختلفة، وهو قصر المنتزه الذي جمع بين الطرازين الإسلامي وعصر النهضة الإيطالي، وأمامه أنشأ كشكًا للموسيقى حتى يشهد الحفلات الخديوية الصيفية.

فيما احتوت الرابية الأخرى على مدافع قديمة من عهد محمد علي باشا، وكان استخدامها بغرض حماية الشواطئ، وهي الموجودة حتى الآن، واكتفى الخديو بإقامة مبنى السلاملك وسينما الأميرات أمامها.

وحول هذه البنايات كانت للأراضي الخضراء مساحتها التي قُدرت بـ370 فدانًا، متضمنةً زهور وأشجار نادرة، وعلى الجزيرة الصغيرة بُنى كشك كلاسيكي للشاي على الطراز الروماني، ورُبطت الجزيرة بالشاطئ من خلال جسر إيطالي ينتهي بفنار يرشد السفن واليخوت إلى خليج المنتزه، الذي كان يرسو به يخت الملك فاروق الشهير «المحروسة».

حدائق المنتزه الملكية

ويقع شاطئ المنتزه أو كما كان يطلق عليه حدائق المنتزه الملكية، في حي المنتزه شرق مدينة الإسكندرية، وكان مملوك للأسرة العلوية بمصر، وكان يضم 5 شواطئ للسباحة، وتم تنفيذ قصر المنتزه على الطراز الفلورنسي الإيطالي آنذاك.

وظلت ملكية المنتزه لتلك العائلة إلى أن تغيرت الأوضاع بعد ثورة 32 يوليو، حيث تغيرت الملكية لتعود إلى الدولة التي منها منتزه عام للمواطنين يمكنهم الاستجمام به كل عام.

شاطئ المنتزه بالإسكندرية يوفر لك العديد من الأنشطة البحرية التي يمكنك الاستمتاع بها لقضاء عطلة اسبوعية مميزة أو يوم كامل في حالة استجمام.

أنشطة سياحية داخل شاطئ المنتزه

فإذا أردت قضاء يوم عائلي مميز أما البحر، ليعود بك لذاكرة الطفولة، فشاطئ المنتزه من أفضل الأماكن التي ستوفر لك جو مناسب لهذه الصحبة الدافئة، والأنشطة البسيطة التقليدية ذات المذاق المميز كلعب الكرة ، أو بناء البيوت بواسطة الرمال، إنها نزهة تجعل الذكريات الدافئة تكرر نفسها.

أما إذا كنت من هواة الاستجمام أمام البحر والتأمل فأيضًا يمكنك ممارسة الهدوء الذي تبحث عنه في أحضان الطبيعة والجو المنعش الذيي يساعدك على التأمل.

ويتمتع شاطئ المنتزه بالمنظر الخلاب ذو الألوان المتجانسة والعناصر المتكاملة للطبيعة، التي إذا اجتمعت في صورة ستعكس موهبتك إذا كنت مصورًا، لذلك لا تفوت فرصة التقاطات بعض الصور للمكان خاصة في مرحلتي الشروق والغروب اللتين تتميزان سحرهما الخاص، والذي ينعكس على المكان ويزيده جمالًا.

على طول الشاطئ تتواجد المقاعد، وعليه يمكن للزائر أن يستلقي عليها متمعًا بمنظر طبيعي يريح الأعصاب ويخرجه من خضم الحياة اليومية الروتينية.

وبموجب تواجد الشاطئ أمام قصر المنتزه التاريخي، يمكن للزائر أن يزوره بحكم قرب المسافة من ناحية، والتمتع بالنظر إلى تحفة معمارية مقامة على الطراز الإسلامي الإيطالي.

كذلك بإمكان الزائر إكمال رحلته بالتجول داخل حديئة المنتزه، خاصةً وانها تضم مجموعة من الورود والأشجار الحميلة، بجانب رائعة بمساحة شاسعة، تلائم عاشقي التصوير بالتقاط مشاهد بديعة، وتخليد هذه المشاهد بعدسة الكاميرا.

وعلى الرمال البيضاء الناعمة يمكنك الذهاب في جولة للتمشية على طول الشاطئ، وإذا شعرت بالإرهاق فستجد صخور أمام الشاطئ يمكنك الجلوس عليها.

ويتوفر داخل الشاطئ مجموعة من الأنشطة البحرية فضلًا عن السباحة، فيمكنك تأجير البانانا بوت والبدالات البحرية التي تأخذك في جولة في عرض البحر.

ولمزيد من الخصوصية والاستمتاع يمكنك استئجار أحد الشاليهات التي توجد علة الشاطئ والتي تطل على البحر مباشرة.