الرحالة و المسافرون العرب

قصر شامبليون : من قصر للأمراء لمدرسة تحت التراب

من قصر الأمراء لمدرسة أخفاها التراب تحفة فنية صُنفت أروع القصور المهجورة

قصر تاريخي فريد، شهد تحولت معمارية عديدة، أسفرت عن وجود واحد من أروع القصور المهجورة، التي يتمنى الآلاف لو أن بمقدورهم التجول فيه والتقاط الصور التذكارية لمحتوياته، قصر شامبليون تحفة فنية مصرية يتجاوز عمرها المائة وثلاثين عام، فيما يلي سنصحبك في جولة إلى داخله تقدم لك تصورًا عن مقتنياته.

موقع قصر شامبليون

يقع القصر في موقع مميز في وسط مدينة القاهرة عاصمة دولة مصر، وتحديدًا في شارع شامبليون.

سمي القصر بهذا الاسم نسبة إلى العالم الفرنسي الشهير، شاملبيون، الذي فك رموز حجر رشيد.

قصة بناء قصر شامبليون

يرجع تاريخ بناء هذا القصر إلى عام 1859 ميلاديًا، حين كلف الأمير المصري سعيد حليم، المهندس المعماري الشهير كورت أنطونيو لاسيكا ببناء قصر له.
فعزم كورت على بناء قصر لا مثيل له يليق بالأمير، وبالفعل بعد جهود عديدة خرج بتحفة فنية مشيدة على طراز النيو باروك، وكانت بمثابة تحفة استغرق بنائها وتصميمها حوالي أربعة أعوام.
لعلك تتسائل الآن عن سبب تسميته بقصر شامبليون إذا كان مالكه هو الأمير سعيد، يرجع السبب في ذلك إلى وقوعه في شارع شامبليون.
فحين صادف موقعه هذا الشارع الشهير نُسب القصر خطاءً إلى شامبليون، وهو خطأ لا زال لصيقًا به حتى يومنا هذا.

لماذا لم يسكن الأمير سعيد القصر؟

يرجح الكثير من المؤرخين أن الأمير سعيد لم يسكن هذا القصر يومًا، ويعتمدون في هذا التحليل على العديد من الأدلة المنطقية والعلمية.
فهناك مجموعة من الوثائق التي تثبت أنه بمجرد الانتهاء من تشيد القصر.

حيث تولى الأمير سعيد في هذه الفترة منصب وزير خارجية إسطنبول، وهو ما يفيد بعدم قدرته على المكوث به.
خصوصًا أنه تعرض للاغتيال في روما عام 1921م، قبل أن يتمكن من العودة لبلاده مرة أخرى.

قصر شامبليون
قصر شامبليون

طراز القصر

تم بناء القصر على الطراز النيو باروك، المليء بالتفاصيل والزخارف المدهشة، وقد كان وقت بنائه قصرًا فريدًا يحيط به العديد من الحدائق الشاسعة.
صحيح أن جزء كبير من طراز القصر المعماري قد طُمس، وكذلك اختفت حدائقه الشاسعة بسبب الزحف العمراني.
لكنه يظل واحد من الأماكن الأثرية والتحف الفنية المصرية، التي يتمنى الكثيرون الدخول إليها والتجول بها.

مكونات قصر شامبليون

كان القصر قديمًا يمتد على مساحة ضخمها قدرها 4781 مترًا، وذلك قبل أن تختفي حدائق الشاسعة المحيطة به.
أما عن تكوين القصر، فهو يتكون من مبنٍ واحد رئيسي، يضم هذا المبنى طابقين وبدروم، ويقع في جانبيه جناحين متماثلين.
يتصل القصر بهذين الجناحين الملاصقين عن طريق مشاة، والمميز أن القصر يضم العديد من المقتنيات الباهرة.
حيث يضم مثلًا في طابقه الأول بهوًا كبيرًا، يمتد بطول الطابق وينتهي بسلم مزدوج متفرع إلى فرعين يصلان إلى الجناحين الجانبين الموجودين في الطابقين العلويين.
كما أن كل طابق من الطابقين العلويين يضم ست حجرات واسعة، مبنية على طراز النيو بارك الفريد ذي التفاصيل الساحرة.
وبخلاف ذلك يوجد في القصر بدور، وغرف للخادمين والخادمات، وحجرات خزين، ومطبخ، ودورات مياه.
كما يزخر القصر أيضًا في مختلف أنحائه بالزخارف الهندسية الفريدة والقطع الفنية الثمينة والنياشين المرصعة بحروف الأمير سعيد حليم الأولى.
في الأيام الأولى للقصر كان يتم إضاءته ليلًا بواسطة مصابيح موضوعة أسفل منحوتاته المنتشرة في أركانه، وذلك من أجل إبراز قيمته الفنية.

مراحل مر بها القصر

شهد القصر العديد من التحولات العجيبة، فقد تحول من قصر إلى مدرسة إلى تحفة فنية مهجورة.
بدأت هذه التحولات في عان 1915م حين أصبحت الحكومة المصرية هي المسؤولة عنه، وذلك بموجب قرار أصدره الاحتلال البريطاني لمصادره جميع ممتلكات الأمير سعيد.
وكان هذا القرار يشمل جميع ممتلكاته بالإضافة إلى ممتلكات أخوته، حتى أن القرار تضمن حساباته المصرفية.
بموجب هذا القرار آلت الملكية للحكومية المصرية، ولكن هذا التحول لم يستمر طويلًا، ففي عام 1916م تحول إلى مدرسة.
كانت تُسمى مدرسة الناصرية بنين للإعدادية، واشتهرت هذه المدرسة بكونها مدرسة لأبناء الطبقة الارستقراطية.
ولكن عند قيام ثورة يوليو تم إخلاء القصر، وأخذت حديقته في الاندثار رويدًا رويدًا، واختفت بوابته مع مرور الوقت.
صحيح أنه في عام 2000م، أصدرت وزارة الثقافة قرارًا بضم القصر إليها، وتم التخطيط لإعادة إحياء القصر، إلا أن المشروع توقف بحلول عام 2006 لظروفٍ عديدة، ومنذ ذلك الحين والغبار يخيم على جدرانه، وأصبح بمثابة مبنى مهجور.

قصر شامبليون
قصر شامبليون

معلومات عن الأمير سعيد صاحب القصر

كان صاحب القصر هو الأمير سعيد حليم كما سبق التوضيح، وهو حفيد محمد علي، وابن عم الخديوي إسماعيل حاكم مصر.
اشتهر الأمير سعيد بكونه سياسيًا بارزًا، صحيح أن الاحتلال البريطاني حال دون عودته إلى مصر.
حيث عاقبه بقضاء مدة نفي في جزيرة مالطا عام 1921، وبعد انقضاء مدة نفي وجد أنه لن يتمكن من العودة إلى مصر، فسافر إلى روما حيث تم اغتياله على يد رجل أمني، لكنه ظل من الشخصيات المصرية الهامة.

اترك تعليقا