الرحالة و المسافرون العرب

قصبة الوداية في الرباط: حصن يكتمل جماله بشاي الزيزوا

قصبة الوداية مكان للصفوة وموقعًا لتنظيم أشهر المهرجانات والحفلات، فهي مناسبات تليق بموقع بدأ كبناية حصينة لمواجهة غزو الأعداء، حتى أصبح جزءًا من تاريخ سُطر وكُتب بحروف من نور.

وبعيدًا عن الظروف التي أضفت عراقة على قصبة الوداية الواقعة في العاصمة المغربية الرباط، جاءت شهرتها الأكبر لما تحتويه من زخارف وجمال لا مثيل له، خاصةً وأنها شبيهة بالبنايات الأندلسية، وهو ما يكشف عنه «الحالة» في جولة بداخلها.

موقع قصبة الوداية

تُعتبر القصبة البداية الأولى للعاصمة المغربية الرباط، فتقع شمال شرقها فوق جرف صخري يطل على الساحل الأطلنطي ومصب نهر أبي رقراق.

يعود اسم الوداية إلى قبيلة صحراوية سكنت القصبة، وأُدمجت ضمن الجيش العلوي للدفاع عن المدينة ضد هجمات القبائل المجاورة.

تاريخ إنشاء قصبة الوداية

كانت البداية من الأمير المرابط تاشفين بن علي في عام 1140، والذي أسس على مصب نهر أبي رقراق قصر بني تاركة، لكن التأريخ للقصبة يعود لسنة 1150، حينما  أمر عبدالمؤمن بن علي، أول الخلفاء الموحدين، ببناء قلعة على الضفة اليسرى لمصب أبي رقراق وسماها المهدية.

ولعبت القصبة دورا هامًا، لكن بعد إهمالها في أعقاب رحيل مؤسسها حل محلها مدينة رباط الفتح الجديدة التي بناها يعقوب المنصور، وفي عام 1609 استقبلت المنطقة الموريسكيون (مسلميين في إسبانيا عاشوا في ظل الحكم المسيحي قبل طردهم)، وعملوا على ترميم أسوار القصبة، قبل أن يستقلوا بذاتهم ويدشنوا جمهورية أبي رقراق المستقلة، متخذين من القصبة عاصمة لهم.

وانتهت هذه الحقبة مع وصول العلويين للمنطقة في عام 1666، وشهدت هذه الفترة عدد من أعمال التوسعة للقصبة.

تطوير القصبة

وفي عهد العلويين مُدت الأسوار في اتجاه الجنوب الشرقي ودُعمت ببرجين كبيرين، مع البدء في بناء الإقامة الملكية التي استمرت أشغالها تحت حكم المولى إسماعيل (1672 – 1727).

وبين عامي 1757 : 1789 رمم السلطان سيدي محمد بن عبد الله تحصينات القصبة، وأعاد تهيئة الميناء وجهز أسطولًا وجيشًا لوضع حد لنشاط القرصنة والسيطرة على النشاط التجاري، كما شيد برج الصقالة الذي وضع تصميمه المهندس الشهير محمد الإنجليزي.

وفي عهد المولى يزيد (1790-1792) بُنيت عدة معالم بالقصبة، منها المخازن (المكاتب) التي تعلو ساحة الملوحة.

تصميم قصبة الوداية

بُنيت جدران القصبة بالحجر السميك كما طُليت بالطين، وتعلو أطر أبوابها زخارف ونقوش روعة في الجمال، وتتخلل الأبراج الملتحمة نوافذ صغيرة الحجم تبرز منها فوهات مدافع حربية، بالغ عددها 68، مع وجود خزائن بارود، كما أُضيف عليها في القرن الـ17 مستودعات وبرجًا دفاعيًا يُعرف بـ«برج القراصنة».

وهندسة القصبة شبيهة بالعمارة الأندلسية، بالتحديد سورها المعلق فوق صخور الشاطئ، وأبواب الوداية الرئيسية مزخرفة بنقوش عربية وكتابات كوفية جعلت منه معلمًا متميزًا.

تتكون القصبة  في الوقت الراهن من جزء علوي أسسه الموحدون، ومن والسفلي دشنه العلويون، أما السور المحيط بها مبني بالحجر الدبس، ويبلغ عرضه.

وللقصبة 4 أبواب يستطيع الزائر الدخول إليها منهم، الأول باب أثري مؤدي إلى سوق الغزل، والثاني يقع بين الباب الأول والبرج، ويرجع تاريخه إلى العصر العلوي، أما الثالث هو قبالة الجهة الشمالية الشرقية للمتحف.

أما الباب الأكبر والأخير يبلغ ارتفاعه 13 مترًا، وتحتوي طبقته الأرضية على ثلاث قاعات متداخلة، وعلى طبقة أولى تحوي خمسة ممرات فوقها سطح يطل على مجموع القصبة.

أنشطة يمكن القيام بها في قصبة الوداية

يمكن للزائر أن يتوجه إلى متحف قصبة الوداية، الذي بناه السلطان إسماعيل في القرن الـ17، ويضم بداخله العديد من الأزياء المغربية القديمة، بجانب الآلات الموسيقية والمجوهرات والخزف.

كما يستطيع الزائر كذلك التجول داخل حديقة القصبة، والتي تضم أجمل الورود، بجانب الزخارف التي تزين ونوافير المياه، وهو ما يكتمل بإطلالة هذه المشاهد على البحر مباشرةً.

ولا يمكن للزائر أن يفوت فرصة الاستمتاع بمشاهدة بقايا مدينة شالة الرومانية، بجانب صومعة حسان، والتي يجاورها لأكثر من نصف قرن ضريح العاهل المغربي الراحل محمد الخامس.

وبإمكان الضيف رؤية هذه المعالم كذلك من خلال جلوسه في إحدى المقاهي المجاورة للمنطقة، وتناول المأكولات والمشروبات الساخنة، بالتحديد الشاي الأخضر بالنعناع، والذي يُحضّر على الطريقة المغربية المعروفة باسم «الزيزوا».

وأخيرًا، يمكن للزائر استغلال جميع المناظر الخلابة والجمال الطاغي على الآثار كخلفية تزين وقوفه داخل الصور التذكارية التي سيلتقطها له مرافقيه.

أوقات زيارة القصبة

الزيارة متاحة للجمهور والسياح خلال أيام الأسبوع كافة.

فنادق قريبة من القصبة

بـ5 نجوم تميز فندق فرح رباط، بعد حصوله على تقييم متميز، خاصةً وأنه يبعد عن منطقة القصبة في فترة أقل من 10 دقائق، حال استقلال الزائر للسيارة، كما يطل على نهر أبي رقراق، وتشمل المرافق مركز للياقة البدنية ومسبح وسبا.

كما تحتوي الغرف على تكييف الهواء وتليفزيون، بجانب خدمة Wi-Fi مجانية، ويشتمل على 3 مطاعم تقدم تشكيلة متنوعة من المأكولات العالمية والإيطالية إضافة إلى المغربية منها، فيما يبعد بمسافة 10 كم من مطار الرباط الدولي، وعن محطة القطار بـ3 كم فقط.

وفي المرتبة الثانية يأتي بيليغ فندق الرباط، والمُصنف بـ 4 نجوم، كما يحظى بتقييم جيد، بموجب بُعده عن القصبة بأقل من 15 دقيقة حال استقلال الزائر للسيارة، ولتمتع غرفة بمكيف الهواء وخدمة Wi-Fi مجانية، بجانب 3 مطاعم للمأكولات المغربية والأطباق العالمية والإسبانية.

اترك تعليقا