الرحالة و المسافرون العرب

بيت الكريتلية وقصة البئر المسحور: رحلة إلى متحف جاير اندرسون

عند مرورك وسط القاهرة، فى أحد أعرق شوارع القاهرة القديمة فى شارع وميدان أحمد بن طولون بحي السيدة زينب، بالتأكد سيسترعى انتباهك بيت أثرى وكأنما يهمس لك لتقف للحظات وتنبهر بما خلده التاريخ وعندما تتسائل يقال لك انه بيت الكريتلية . هذا البيت الذى يجمع بين طيات حوائطه السحر والجمال وعبق التاريخ فيبدو كل حائط وكأنما يهمس بالكثير من الأسرار، وما أن تدخل للبهو الرئيسى وتقف بين طيات جدرانه وللوهله الاولى ستشعر وكأنك عدت إلى الزمان الماضى وتعيش لحظات من التاريخ، وما أن تتوغل أكثر تخال بأن مشربياته تقطرعبقا مما شاهدته على مر الزمان.

تاريخ بيت الكريتلية

بيت الكريتلية  او متحف جاير أندرسون هو بيت أثرى يتكون من بيتين يعود تاريخ إنشاءهما إلى العصر العثمانى وبالتحديد خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي ويعتبر هذان البيتان من الآثار الإسلامية النادرة والفريدة، وهما بيت محمد بن الحاج سالم وبيت السيدة آمنة بنت سالم والتى كانت آخر ملاك البيت لذا تم تسميته ببت الكريتلية كون السيدة ترجع أصولها إلى جزيرة كريت.

مع مرور السنين ساءت حالة البيتين وكاد أن يتم هدمهما أثناء مشروع التوسع حول جامع أحمد ابن طولون في ثلاثينيات القرن الماضي (1930-1935م)، لذا سارعت لجنة حفظ الأثار العربية بترميم وإصلاح البيتين للحفاظ علي طرازة  المعمارى، وأثناء الترميم قامت اللجنة بربط البيتان بقنطرة أو ممر ليصبحا بيت واحد.

بيت الكريتلية
متحف جاير اندرسون

متحف جاير اندرسون

وفي عام 1935م تقدم طبيب فى الجيش الانجليزى جاير أندرسون، بطلب إلي لجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن في البيتين وذلك بعد أن جذبه معمار وزخارف البيتين، ولأنه عرف عنه فى ذلك الوقت مدى حبه للأثار، استطاع أندرسون الحصول على موافقة اللجنة على السكن ، على ان يصبح أثاث البيتين ومجموعه إندرسون من الآثار، ملكاً للشعب المصري بعد وفاتة أو حينما يغادر مصر.

وبالفعل قام الطبيب الانجليزى بتنظيم البيتين حيث لم يدخر جهداً وأنفق الكثير من الأموال على شراء الآثاث، ليكون على الطراز الإسلامي العربي، وخلال الفترة من عام ١٩٣٥م إلى عام ١٩٤٢م استطاع الطبيب تجميع العديد من الآثار النادرة من مختلف العصور وقام بعرض مجموعتة الأثرية بداخل بيت الكريتلية والتى كانت عبارة عن مقتنيات أثرية إسلامية ومصرية قديمة وآثار ومن الصين, وفارس, والقوقاز, ومن آسيا الصغرى والشرق الاقصي.

اضطر جاير أندرسون بعد ذلك إلى السفر إلى انجلترا في عام ١٩٤٢م وذلك بسبب تدهور صحته، وما ان توفي أندرسون حتي نفذت الوصية وآل البيتين وما فيهما من مقتنيات إلى مصلحة الآثار العربية التي جعلت منها متحفاً بإسم جاير أندرسون، ومن أبرز مقتنيات المتحف لوحة زيتية تعود لجاير أندرسون في غرفة المكتبة، ولوحة زيتية من العصر القاجاري (إيران)، ومجموعة من التحف المصنوعة في الصين.

وصف بيت الكريتلية

عند دخولك بيت الكريتلية تشعر بالسحر الذى يملأ المكان وخاصة عند النظر إلى البئر المسحور والمتواجد فى البهو والذى يزعم الكثيرون إلى أنه بئر أسطورى لو نظر إليه العاشق وتمنى رؤية محبوبة ستنعكس صورة ذلك الحبيب فى مياه البئر، من ثم ستجد سلماً يصل بك إلى أعلى فتجد أنه مكان مفتوح ومجهز بعدد من الكراسى من أجل الجلوس والاستمتاع بالمشهد.

وينقسم بيت الكريتلية إلى العديد من الغرف والأجنحة فهناك جناح السلاملك والمخصص لزائري أهل البيت، وجناح الحرملك المخصص لنساء البيت، إضافة إلى المكتبات وغرف النوم والتي تتميز بطرازها المعماري الفريد والتى يعرض بها المقتنيات الآسرية والتحف وعند التأمل لكل تلك التحف تجد اللافتات التى تساعدك على فهم ومعرفة تاريخ تلك التحف المعروضة.

اساطير متحف جاير اندرسون

ومثل الكثير من الأماكن الآثرية والتاريخية أحاط بمتحف إندرسون الكثير من الأساطير فبجانب البئر المسحور، كانت هناك أسطورة تسرد عبر التاريخ عن كون بيت الكريتلية قد بنى على «جبل يشكر» الذى كان مرسى فُلك سيدنا نوح عليه السلام، بجانب تلك الأسطورة حول بناء البيت نفسه، حيث اعتقد البعض أن البيت قد بنى بأمر من ملك الجن، وأنه يعيش فيه ثعبان طيب وكبير الحجم.

بيت الكريتلية
بيت الكريتلية

بيت الكريتلية يجذب صناع السينما

جمال بيت الكريتلية وتاريخة بجانب الزخارف المعمارية الرائعة وتلك المشربيات التى زادت من جمال وروعة المكان والتى استطاعت أن تكمل الصورة وكأنها لوحة رائعة صممت لتلهم الكثيرون ومنهم أهل الفن، وخاصة بجانب الأساطير التى تحيط بالمكان مما أضاف غموض وروعة وساعد صناع السينما على صنع أفضل المشاهد مستخدمين ذلك العبق والغموض فشهد البيت على مر التاريخ تصوير العديد من الأفلام المصرية والعالمية.

بالتأكيد إستمتعنا ونحن نشاهد أفلام الأديب نجيب محفوظ مثل بين القصرين والسكرية، حينما كانت السيدات يختلسن النظر من وراء المشربية، كما شهد البيت غناء سندريلا السينما سعاد حسنى حين تغنت بأغنية بانو بانو، بجانب تصوير مشهد من فيلم الناظر حينما دخل التتار، وقد وصلت شهرة البيت وجماله عالمياً فشهد تصوير أحد أفلام جيمس بوند.

أسعار و مواعيد زيارة بيت الكريتلية

يتيح المتحف الزيارة يومياً من الساعة 9 صباحاً وحتى الساعة 5 مساءً، وتتراوح اسعار التذاكر للمصرى حوالى 10 جنية، والطالب المصرى حوالى 5 جنية، أما الأجنبى  فيكون سعر التذكرة حوالى 60 جنية، والطالب الأجنبى حوالى 30 جنية.

كيفية الوصول لبيت الكريتلية

بامكانك الوصول بسهولة ل بيت الكريتلية ، فالمتحف ملاصق لمسجد أحمد بن طولون بجوار شارع الصليبة، بحي السيدة زينب، فبامكانك استقلال المترو والنزول بمحطة السيدة زينب، ومن ثمّ السيرعلى القدمين مدة 20 دقيقة، وصولاً للمتحف، أو استقلال ميكروباص وصولاً لشارع الصليبة، ومنه للمتحف مباشرةً.

بيت الكريتلية
الانشطة في بيت الكريتلية

أهم الأنشطة في متحف جاير اندرسون

  1.  يتمتع بيت الكريتلية بحديقة جميلة ومتميزه بالخارج، فبامكانك الاستمتاع بالتقاط الصور التذكارية لك ولرفاقك، لذكرى جولة ممتعة في أهم الآثار التاريخية التي تتمتع بها القاهرة.
  2.  من بداية دخولك لحوش متحف بيت الكريتلية ، ستحظى بفرصة مشاهدة البير المسحور وفقًا للأسطورة السابق ذكرها، فاستمتع بمشاهدته قبل انتقالك للبيت الأقدم عبر السلم، وبالبيت الأقدم ستجد كراسي للاستراحه والاسترخاء، وفرصه لمشاهدة المكان من أعلى فاستمتع بذلك.
  3. ان كنت من هواة الاطلاع والمعرفة، فاستمتع بالتأمل وقراءة اللافتات المنتشرة بالكثير من غرف بيت الكريتلية، والتي بها شرح وافي لكل محتويات البيت، وينصحك الرحالة بالتجول ببطء حول اللافتات لكي تحظى بمتعة استكشاف المكان.
  4. بامكانك الاستمتاع بالتجول ومشاهدة أجنحة المتحف المختلفة، فستجد أمامك جناح السلاملك وهو مخصص لاستقبال الزوار، وجناح الحرملك وهو الجناح المخصص للحريم، وغرف النوم وغرف المكتب، وغرف الاحتفالات، وغيرها من الغرف المبهرة.
  5. كل غرفة من غرف المتحف، تحتوي على أثاث من مكان مختلف غير الأخري، فقد تم جمع أثاث المتحف من كل أنحاء العالم، فاستمتع بمشاهدة العديد من التحف الفنية والأنتيكات التي تم جمعها من الصين، والنجف الذي تم جلبه من إيطاليا، والكراسي التي تم تصنيعها في الهند، وطاولات تم جلبها من انجلترا، وسجاد فارسي الصنع، فاستمتع بجولة حول العالم في هذا البيت العريق
  6. استمتع أيضًا بزيارة الغرفة المعروفة باسم متحف البيت، تلك الغرفة تحتوي على مجموعة من القطع الأثرية الفرعونية، من ضمنها تمثال لرأس الملكة نڤرتيتي، وتضم أيضًا تابوت لمومياء تم جلبه من طيبة.
مصدر الموقع الرسمي
اترك تعليقا