الرحالة و المسافرون العرب

مسجد الحسين : جولة في رحاب من أحب الله من أحبه

مسجد الحسين | “حب الحسين وسيلة السعداء وضياءه قد عم فى الأرجاء، سبط تفرع منه نسل المصطفى وأضاء مصر بوجهه الوضاء، فهو الكريم ابن الكريم وجده خير الأنام وسيد الشفعاء”، هكذا ابتهل الشيخ طه الفشني في حب الحسينن وعلى هذا النهج يأتي الناس من شتى المحافظات إلى المسجد الذي يحمل اسمه للصلاة والدعاء من داخله لعل دعائهم يقبل، وهذه هي مكانة مسجد الحسين بين مختلف الثقافات.

مسجد الحسين، هو تحفة أثرية إسلامية ذات طابع روحاني، والذي يقع في حي يحمل نفس اسمه، والتي تحولت مع مرور الوقت منذ بناء المسجد إلة منطقة سياحية متكاملة تجذب السياح من مختلف بلاد العالم لرؤية حي الحسين بما فيه من أصالة الطراز القديم وعصرية الحياة الحديثة التي تظهر في الأنشط التي يمكن ممارسها بها.

مسجد الحسين في القاهرة

كان مسجد الحسين في البداية عبارة عن ضريح بني عام 1154 هجريًا، في العصر الفطمي في عهد الخليفة الفائز بنصر الله، تحت إشراف وزيره الذي كان يدعى الصالح طلائع، من أجل دفن رأس الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب بعد وصوله من فلسطين إلى القاهرة، حيث خاف خليفة مصر الفاطمي أن تصاب الرأس بمكروه في فلسطين، بسبب الحروب الصليبية آنذاك،فأرسل طلبًا بنقل الرأس إلى القاهرة، ومن هنا جاءت تسمية المسجد بالحسين، ولذلك يقال أن الرأس بالفعل مدفونة في الضريح.

وظل الضريح على حاله إلى أن أنشأ صلاح الدين الأيوبي بجواره مدرسة سميت ب “المشهد” عام 1171، والتي تم هدمها فيما بعد وبناء المسجد مكانها ليتحول من مجرد ضريح إلى مسجد كبير.

بينما بنيت مئذنة المسجد فيما بعد، في أواخر العصر الأيوبي، حيث أمر الشيخ أبوالقاسم بن يحيى بن ناصر السّكري المشهور باسم الزرزور في بناء مئذنة فوق باب المشهد الذي يعرف حاليًا باسم الباب الأخضر ببناء المئذنة، والتي صممت على أن تكون ذات قاعدة مربعة، وتحمل لوحتان تذكاريتان من الرخام محفور عليها تاريخ البناء واسم المنشئ، بينما تكون المئذنة منقوشة بالزخارف العثمانية.

مسجد الحسين من الداخل

وعندما تنظر إلى المسجد تجده يضم ثلاثة أبواب تؤدي جميعها إليه من الداخل، ويشتمل مسجد الحسين من الداخل على أعمدة رخامية مزخرفة تعكس روعة البناء ذو الطابع الإسلامي، ومحراب صُنع من القشاني كبديل عن الرخام وبجانبه باب خشبي يؤدي بالزائر إلى قبلة المسجد.

وفي غرفة تجدها في الجزء الجنوبي أثناء زيارتك الروحانية للمسجد، تجد شعرتين، إنهما تنتميان للحية الرسول الكريمة، وكذلك قطعتين من قميص له، أيضًا تجد مصحفين شريفين، أحدهما ينتمي لعلي بن أبي طالب والآخر للخليفة عثمان بن عفان، وبُنيت هذه الغرفة التي تتميز بمساحتها الواسعة في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني للاحتفاظ بما تبقى من الآثار النبوية.

مسجد الحسين بالقاهرة

مسجد الحسين من الخارج

أما خارج المسجد فتوجد ساحة واسعة يمكنها استيعاب آلاف المصليين الذين يأتون خصيصًا من أجل الصلاة في هذا المسجد. ويعتبر مسجد الحسين مركز للعديد من الأنشطة السياحية التي يمكنك القيام بها حيث يقع في موقع استراتيجي يجعله قريب من العديد من الأماكن التي تقدم لك أنشطة متنوعة في مضمونها لكنها تكمل بعضها البعض، هذا إلى جانب قربه من جامع الأزهر.

“مش عاوزة ترسمي حنة”، بهذه الكلمات التي قد تسمعينها مع كل خطوتين تخطوهما قدميكي أثناء السير في شوارع الحسين، تدعوكِ تلك السيدة البسيطة القادمة من السودان لممارسة حرفتها في رسم الحناء، إلى اختيار رسمة ما ما ذلك الدفتر الذي تحمله لتطبقيها على كف يدك وبأسعار ليست مكلفة.

وفي مشهد يجمع المصريين من مختلف المستويات الاجتماعية والأجانب سواء عرب أو ممن ينتمون لبلاد غربية في منطقة تراثية شعبية أصيلة، تجد شخصًا ما يعطيك أنواع مختلفة من الطعام، لا تتعجب إنه يوفي نذر ما بالقرب من حبيبه سيدنا الحسن.

“إتفضل هنا في مكان للعائلات”، هكذا يدعوك القائمين على المطاعم والكافيهات والتي تتراوح أيضًا بين مستويات يمكنها أن ترضي جميع الفئات، فبصرف النظر عن الفئة التي تنتمي إليها ستجد ما يناسبك، لقضاء وقت راحتك أو لتناول وجبة أو مشروب في منتصف جولتك السياحية أو بعد اللانتهاء منها.

جولة حي الحسين في القاهرة

وعلى ألحان السمسمية التي يعزفها شخص يرتدي الطربوش ويتغني بكلمات التراث الشعبي يمكنك الجلوس ب “مقهي بلدي” مع أصدقائك، وكذلك تستطيع أن تتناول بعض المسليات التي ربما نقرضت في المدن كالفول النابت وحب العزيز.

وبينما أنت تتجول بين شوارع الحسين تجد صوانًا وبداخله مئات الأفراد وأمامهم ذلك المبتهل، حيث يتم تنظيم حلقات الذكر والابتهالات في المواسم الدينية المختلفة.

وبما أن الحسين يقع بين عدة مناطق سياحية فاخرة فلن تكتمل جولتك إلا بزيارة خان الخليلي، الذي يضم في جو شرقي أصيل المنتجات اليدوية من ملابس وعرائس الأطفال والحلي والمشغولات الفضية والنحاسية، بالإضافة إلى الأدوات الموسيقية، وتماثيل القدماء المصريين لاستقطاب السياح الأجانب.

شارع المعز وبيت الحسيمي في حي الحسين

وكذلك شارع المعز الذي يعد من أقد شوارع القاهرة ويضم الآثار التي تعود للعصر الإسلامي، وبيوت تحتفظ بحالتها منذ العصور القديمة، وكذلك يقام فيه احتفالات خاصة خلال شهر رمضان. بيت السحيمي أيضًا الذي يبلغ من العمر حوالي 350 عام بني في العصر الفاطمي ويعد من أجمل ما ينتي إليه، ويظل إلى الآن محتفظ برونقه الخاص الذي يعكس فنون العمارة في العصر الفاطمي.

وكذلك تضم المنطقة واحدة من أشهر المقاهي في مصر وهي مقهى الفيشاوي والتي شهدت جلسات الشخصيات البارزة والفنانين من كافة أنحاء العالم. كل هذا يمكنك القيام زيارته بعد انتهائك من أداء الصلاة في مسجد الحسين، والذي يتم دخوله في معظم أيام السنة مجانًا بخلاف بعض المواسم السياحية التي يكون الدخول بها بأجر رمزي.

مصدر محافظة القاهرة
اترك تعليقا