الرحالة و المسافرون العرب

مدينة النحاس الأسطورية : لا تحاول النظر فالنهاية الموت

مدينة النحاس هي مدينة أسطورية، لم يستطيع أحد التبين حتى يومنا هذا إذا كانت مدينة حقيقة شهدها التاريخ يومًا أم أنها أوصاف وهمية تناقلها الأشخاص واقتناع بوجودها فئة كبيرة من الناس، ومع كثرة الألغاز حول المدينة، فواحد من الأشياء المؤكدة أنها مدينة حيرت العلماء والرحالة والتاريخ والمؤرخين على مدار فترات طويلة من الزمن.

ما هي مدينة نحاس؟

تتكاثر الأقاويل عن كونها مدينة أسطورية شيدها الجن لنبي الله سليمان في الأندلس أي المغرب حاليًا.
وأنها واحدة من المدن الأسطورية التي فقدها التاريخ، كقارة اتلانتيس على سبيل المثال.
ويشيع القول أيضًا بأنهة مدينة تقع على ساحل البحر المتوسط في المغرب بين سلسلة جبال الريف وجبل درسة، وأنا بنائها قد تم بأمر من سيدنا سليمان نبي الله.
فقد كان سيدنا سليمان هو النبي الذي سُخر الجن لخدمته، لذا يشاع بأنه أمرهم ببنائها في هذا الموقع.
ولكن لم يتم التأكد حتى يومنا هذا عن مدى صدق هذه الرواية حول المدينة الصفر، أي مدينة النحاس ذات اللون الأصفر.

وهنا أنصحك بقراءة: أخطر الاماكن السياحية في العالم : تماسيح وآفاعي وأساطير عن الجان

بداية عمليات البحث عن مدينة النحاس

بحسب الروايات المتداولة، فإن الفضول قد دفع الكثير من الأشخاص إلى محاولة اكتشاف هذه المدينة الأسطورية.
وبدأت تلك المحاولات مع موسى بن نصير، الذي تلقى رسالة من الخليفة الخامس للدولة الأموية، عبد الملك بن مروان، يوصيه فيها باستكشاف هذه المدينة التي بناها الجن لسيلمان، وأمره بالتعجيل بالجواب.
وعندما تلقى موسي بن نصير الرسالة خرج مع العديد من الرجال مزودين بمؤونة تكفيهم لشهور كثيرة.
خاضوا رحلة مليئة بالعجائب وسلكوا طرقًا لم يسلكها بشر من قبل، وشاهدوا بقاعًا عجيبة مليئة بالخيرات والأشجار والعيون.

وفي أحد الأيام شاهد موسى بن نصير بريقًا غريبًا في السماء، فأمر رجاله بأن يتحركوا لمعرفة مصدر الضوء.
وأثناء سيرهم لاكشتاف مصدره ظهر أمامهم سور ضخم عجيب، أصعقهم منظره، الذي بدى وكأنه من صنع غير بشري.
شعروا وكأنه هذا هو سور المدينة، التي يبحثون عنه، وأنهم قد وصلوا أخيرًا إلى وجهتهم المنشودة.
حاولوا كثيرًا أن يجدوا مدخلًا أو بابًا في هذا السور، إلا أن كل المحاولات بائت بالفشل ولم يجدوا طريقًا للدخول.

مدينة النحاس
مدينة النحاس

محاولات دخول المدينة 

فكر أحد المهندسين من هؤلاء الرجال أن حفر مدخلًا في السور قد يكون هو الحل المثالي، إلا أن هذه المحاولة أيضًا لم تنجح، فقد كان السور أقوى مما يتخيلون.

وفي النهاية توصلوا إلى فكرة رائعة وهي بناء سور يعادل طول السور الغريب، وبالفعل نجحوا في بنائه ووضعوا سلمًا عليه.

ثم تطوع رجل منهم إلى الصعود للسور من أجل رؤية المدينة، إلا أنها ما كانت سوى بضع لحظات حتى أخذ الرجل يضحك بشكلٍ هستيري ويصفق بيديه وفي النهاية ألقى بنفسه إلى المدينة.

اندهش موسى ابن نصير، ثم سائلهم أن يتطوع رجل آخر، منبهًا ألا يقوم بنفس فعلة المتطوع السابق.

ومن أجل ضمان نجاح الخطة قاموا بشد حبلًا قويًا في وسطه، وأمسكوا أطرافه، ليمنعوه إذا حاول إلقاء نفسه في المدينة.
وما هي إلا لحظات، وقام الرجل بنفس فعلة المتطوع السابق، وأخذ في التصفيق.

وألقى بنفسه ولم يستطيعوا منعه فقد شعروا بقوة أخرى تشد الحبال من الجهة المعاكسة.

ظلوا يشدون حتى انقسم الرجل إلى قسمين، قسم سقط داخل المدينة، وقسم آخر ظل معلقًا في الحبال، في مشهد قاسي فج.

مدينة خطيرة يموت الناظر إليها

بعد هذا المشهد الفج للرجل، تيقن موسى بن نصير أنها مدينة للجن، وأنهم يقضون على كل من يحاول النظر إليها.
ثم أمر رجاله بالمغادرة، وأثناء رحلة العودة عثروا على أشياء عجيبة منها صورة رجل مصنوعة من النحاس. وفي يده لوح مكتوب عليه: ليس ورائي مذهب، فأرجعوا، ولا تحاولوا الدخول الأرض، فتهلكوا.

ولكنه شعر بأنه أمر غير وارد الحدوث، فكيف يهلك الرجال في بقعة مليئة بالأشجار والمياه والنباتات.

فأمر رجاله أن يواصلوا التحرك في تلك الأراضي، حتى صادفوا مشهد من مشاهد الأفلام، حيث خرج من تلك الأشجار نمل ضخم.

مزق النمل بعضهم حتى أصبحوا أشلاءً، وبينما أخذ النمل في الاقتراب من موسى بن نصير، شاهد الصورة النحاسية، فتراجع.

تتابعت المغامرات التي شهدوها، حتى وصلوا إلى بحيرة يحيطها الكثير من الأواني النحاسية، وفجأة ظهر لهم من وسط البحيرة شخص عملاق يشبه في هيئته البشر.

سألوله عن هويته فأجابهم بأنه من الجن، الذين حبسهم النبي سليمان في هذه البحيرة، وخرج عند سماع حديثهم، ظنًا منه أنهم صاحب الكلام.

مدينة النحاس
مدينة النحاس

وصاحب الكلام هو رجل يمر على هذه البحيرة مرة في السنة، ويظل يذكر الله بالكثير من الأذكار، ثم يغادر.
وبعد قول هذا الكلام اختفى الرجل، ولم يستطيعوا معرفة من هو صاحب الكلام، لكنهم خمنوا أن يكون الخضر، وبهذا الشكل غادروا دون أن يتمكنوا من معرفة ما بداخل المدينة ولا سر هذه البقعة الغريبة.

هل مدينة النحاس حقيقة؟

وإذا كنت تتسائل عن مدى حقيقة هذه المدينة العجيبة، وهل هي خرافة وأسطورة أم قصة واقعية، فلا يوجد ما يؤكد ذلك أو ينفيه.
فقد وردت هذه المدينة في رواية أبو حامد الغرناطي، أحد الأشخاص الذين عاشوا في جنوب الأندلس.
كما أيد وجودها وقصة بنائها العديد من الرحالة والأشخاص على مر التاريخ، الذين آمنوا بوجودها.
في حين رآها رحالة آخرون قصة وهمية وأسطورة غير حقيقة، وأبرز هؤلاء الرحالة ابن خلدون.
فقد قال ابن خلدون إن هذه القصة مستحيلة، ولا يمكن أن يصدقها العقل، ويتقبلها المنطق، وكذلك هي قصة منافية لقوانين الطبيعة.
لن نستطيع أبدًا يومًا التحقق من مدى رواية وصحة هذه المدينة العجيبة، التي أثارت حيرة العديد من الأشخاص عبر التاريخ.

اترك تعليقا