الرحالة و المسافرون العرب

شرم الشيخ القديمة كيف كانت قبل ٤٠ عاما: من مخيم لـ 7 نجوم

"من يد العدو للعالمية"..حكاية أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة بعد استردادها

للأنتيكات والديكورات كلاسيكيات، “كل ما تقدم تحلى”، أشياء ذات قيمة بمرور الزمن تتفرد أثارها، وللسفر والمدن والشوارع أيضاً كلاسيكيات، وللذكريات أجمل كلاسيكيات، شعور أول من سكنوا المدن، وشهدوا علاماتها وتفاصيلها القديمة، شكل السيارة و الشاطئ و المايو، الكافتريات والمشروبات، حتى الصور صاحبة ألوان التسعينات، وواحدة من أبرز هذه المدن كانت ساحرة السياحة شرم الشيخ القديمة وحكاية أول من سكنوها واستمتعوا بذكرياتها القديمة، نسردها لكم في “الرحالة”..

حكاية أول من سكن شرم الشيخ القديمة

“وائل عابد” متخصص في السياحة البيئية نشر عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن حكاية شرم الشيخ القديمة بتفاصيلها أول ما بدأت خطواتها على ساحة السياحة العالمية، تحت عنوان “ما لاتعرفه عن شرم الشيخ”، وفي وصفه للمدينة تطرق لشرح الفارق بين شكل شرم الشيخ قبل وبعد عهد حسين سالم (رجل أعمال مصري استثمر الكثير في مجال السياحة).

وجاءت قصة “وائل عابد” كاالتالي:

“بأعتبر نفسي، زي ماهو باين في الصورة، من أوائل اللي راحوا وبنوا بيت في شرم الشيخ: يعني من المصريين القلائل اللي شافوها من وقت استلامها من اسرائيل، ومارسوا هناك رياضات الغوص والرحلات الصحراوية والطيران، واشتغلوا في التعمير والتجارة من سنة ١٩٨٤ وحتي ١٩٩٦، ولذلك لا يمكنني تجاهل الحديث في وفاة أحد أهم المصريين الذين ارتبط اسمهم بشرم الشيخ، وهو السيد/ حسين سالم.

نعم! عشت شرم الشيخ، وتابعت تطورها لمدة 12 سنة، منها ست سنوات قبل ظهور حسين سالم، وست سنوات أخري بعد ظهوره هناك.

لكن خلينا نرجع من البداية، لما كانت شرم الشيخ مجرد سهل صحراوي ينحدر من الجبال، ويطل بحافات صخرية علي البحر الأحمر. صحيح! شرم الشيخ (أو الشرم كما يسميها الشرماويه) بتبص علي البحر الأحمر نفسه وليس علي خليج العقبة كما يخطيء الكثيرون. فمنطقة شرم الشيخ وما يجاورها من شروم ( وشروم يعني خلجان) يمكن تعريفها إجمالا بأنها الشريط الساحلي الممتد من رأس محمد جنوباً، وحتي رأس النصراني في الشمال. والمسافة دي كلها طولها حوالي ٣٠ كيلومتر. ورأس النصراني عبارة عن  بروز لرصيف الشعاب المرجانية، يمتد داخل البحر لمسافة كيلومتر واحد تقريبا فيشكل بذلك هيئة تحكم، وتخنق، مدخل مضيق تيران، فتعتبر بذلك الحد الفاصل ما بين جسم البحر الأحمر، وذراعه الممتدة شمالا باسم خليج العقبة.

حكاية أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة
حكاية أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة

أول 6 سنوات في شرم الشيخ القديمة بعد الاحتلال

يقول “عابد”: “اترفع العلم المصري علي مدينة رفح يوم ٢٥ ابريل سنة ١٩٨٢، فكان بمثابة إعلان إتمام كافة مراحل الانسحاب الإسرائيلي واسترداد مصر لكامل سيناء (باستثناء رأس طابا)، ولذلك اعتبر عيد تحرير سيناء هو ٢٥ إبريل. لكن استلام شرم الشيخ كان قبل رفح بأربعة ايّام.. فبالرغم مِن التزام اسرائيل باتفاقية السلام، إلا أنهم تمسكوا لأخر لحظة بشرم الشيخ، أكثر مِن تمسكهم بأي موقع آخر. اشمعني؟ لأنها “عوفيرا -Ophera” – وعوفيرا هو الاسم الذي اطلقه الاسرائيليون علي شرم الشيخ، فكانت هي المستوطنة الاسرائيلية الأكبر، ومقر لقواتهم الجوية، والميناء الأهم في جنوب سيناء. ده غير اللي ذكرته لكم عن انها النقطة اللي بتتحكم في مضيق تيران، وهي النقطة اللي لما حط فيها عبد الناصر مدفع كبير علي شاطئ رأس النصراني علشان، قال ايه، يسد المضيق، قامت حرب ١٩٦٧”.

“سنة ٦٨ كانت اسرائيل خدت سينا  كلها ، و عملت الشرم قاعدة استراتيجية،  وبنت كام فندق تعبان ومساكن مستوطنة خرسانية ومدسة بيئة وفضلت الشرم بتاعتهم لمدة ١٤ سنة.

وكان ذهابي إلي سيناء لأول مرة بعد انسحابهم وتسليم إدارتها الي المخابرات العامة المصرية. ومن رجالات المخابرات المتقاعدين من كنّا نعرفهم جيدا، كمحمد بك نسيم، الذئب الأسمر، وهو الضابط المصري المسئول عن أعمال الجاسوس المصري رفعت الجمال والشهير لدي عامة المصريين باسم “رأفت الهجان”.

تم تكليف نسيم بالحفاظ علي استمرارية النشاط السياحي الذي بدأه الاسرائيليون في جنوب سيناء، فأعاد تشغيل الفنادق السياحية التي خلّفها المستثمرون اليهود في عوفيرا (اللي هي شرم الشيخ) وديزاهاف (دهب ) والنويبع (نيفيوت)، وأسس لإدارتها شركة مصرية هي “شركة جنوب سيناء للفنادق ونوادي الغوص”. وعمل نسيم أيضاً علي تشغيل مطارات سانت كاترين والطور ورأس نصراني، وتشغيل خط طيران مصري، وفقا لبنود اتفاقية السلام، تحت اسم “اير سينا”.

“جنيهان للمبيت بالإفطار”.. تفاصيل أول فندق في شرم الشيخ 

فنادق شرم الشيخ القديمة
فنادق شرم الشيخ القديمة

يتابع “عابد” حديثه عن الإقامة والسكن فيقول: “يتعرج ساحل شرم الشيخ فتظهر فيه الخلجان التي، كما ذكرت، يطلق عليها “الشروم”. فعرفنا هناك شرم الميه، وشرم العاط وشرم الغزلان، وغيرها. ولكن الجزء الذي اهتمت به مصر هو المنطقة الواقعة ما بين “شرم الميناء” وشرم العاط المعروف “بخليج نعمة”. لم يترك الاسرائيليون علي ساحل الشرم سوي ثلاثة فنادق اغلبها من الخشب: أصغرها فندق “كليف توب” المطل علي الميناء، والي جواره أنشأت الإدارة المصرية مبني مجلس المدينة وقسم البوليس. وكانت أجرة المبيت فيه جنيهان بالإفطار. وثانيها فندق “اكوا مارين”، وثالثها هو أكبرها وكان اسمه فندق مارينا شرم، وكلاهما علي جانبي شرم العاط. اما باقي شاطيء الخليج فلم يقم الاسرائيليين ببناء اَي شيء فيه تحسبًا للسيول. فاكبر مخرات السيول في تلك الصحراء هو مجري “وادي العاط”، وما أدراك ما سيل العاط.

السياحة في شرم الشيخ القديمة

شرم الشيخ القديمة
شرم الشيخ القديمة

في البداية لم تكن هناك حركة سياحة بالمعني المعروف. فبخلاف شباب الجربنديات، الback packers ، من بقايا عصر “الهيبيز” وفلول ثورة “الفلاور باور”، وآخرين من  ذوي الأرواح الهائمة، والباحثين عن المغامرة في أركان العالم البعيدة او المنعزلة، لم أشهد صناعة سياحة غير تلك التي كان مصدرها مراكز الغوص الملحقة بمنشآت شركة سينا للفنادق ونوادي الغوص.

وكان يعمل علي إدارة هذه المراكز أجانب (اغلبهم ألمان) ممن بقوا في سيناء من زمن الاحتلال الاسرائيلي . وبالرغم مِن عدم ارتياح السلطات المصرية لهولاء وريبة الأمن من سبب بقائهم، وبالرغم من عدم ثقة هولاء في السلطات المصرية “الجديدة والغريبة عليهم”، إلا أن “نسيم” نجح في تهدئة مخاوف الأجانب الذين بقوا وعمل علي احتوائهم، وسلمهم إدارة نوادي الغوص لأنهم الوحيدون (اللي فاهمين الشغلانه) وهم وحدهم القادرون علي إدارتها وتحقيق استمرارية العمل. لم يكن هناك غطاسين أو مدربين غطس مصريين علي الإطلاق. ماحدش كان بيفهم في الغطس خالص، وكل المصريين اللي اشتغلوا في شرم (في اَي مجال ودون اَي استثناء) اتعلموا السياحة علي يد هولاء الأجانب ذوي الشعور الطويلة والذقون الأطول، والذين كانوا يرتدون فقط مايوه ليلا ونهارا طوال شهور السنه.

ومع الوقت تعلم المصريون رياضة الغوص بدرجاتها (غطاس مياه مفتوحه، غطاس متقدم، غطاس إنقاذ، غطاس ماستر، واخيرا غطاس معلم/أستاذ). ولا يحق لاي فرد ان يقوم بالإرشاد تحت الماء دون ان يحصل علي الاقل علي درجة الماستر. فكانت “كورسات الغطس” دراسة أكاديمية وعملية يجب أن يكرس الشاب لها نفسه لينجح في امتحاناتها الصعبة. ونجح مجموعة صغيرة مِن شباب المصريين واحداً تلو الآخر، وبدأ بعضهم يفتح نادي غوص خاص به، وهكذا حتي نجحت خطة “نسيم” في إفادة المصريين من خبرة الأجانب ونقل الإدارة الي أيادي مصرية في خطة متوسطة الأجل، مداها ثلاث سنوات.

أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة
أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة

وبدأت السياحة تتحرك، ومع ذلك ظلت شرم الشيخ مقصداً سياحياً بسيطاً، إعتماده الأساسي علي مئات قليلة من الغطاسين الذين يذهبون للغوص طوال النهار ثم ينامون (من المغرب) في الفنادق الخشبية المجاورة لنوادي الغطس. ولكن الحق يقال: أن في تلك الفترة جاء الي المنطقة مشاهير العالم في رياضة الغوص، وكذلك أشهر مصوري العالم في التصوير تحت الماء، فكانت نهاية الثمانينيّات هي الفترة الذهبية لسياحة الغوص في شرم الشيخ، وخصوصاً في بقعة رأس محمد.

أما النوع الثاني مِن السائحين فكانوا شباب الجربنديات (المعروفين عالميا باسم الباك باكرز). وهؤلاء كانوا يسهرون علي شاطيء خليج نعمة، فيشعلون النار ويتحلقون أحدهم وهو يلعب الجيتار، وينامون في نهاية الليل علي الرمال، في أكياس النوم sleeping bags. وكان يأتي إلي الشاطيء كل يوم مجموعات متتالية من جنود القوات المتعددة الجنسيات المعسكرة، وفقاً لاتفاقية السلام، علي الربوة المطلة علي خليج نعمة. وكان الجنود الأمريكان بالنسبة لشباب الشاطيء مصدراً هاماً للمشروبات والمأكولات والموسيقي التي يحضرونها معهم مِن معسكرهم لعمل “بيكنيك picnic ” في أوقات إجازتهم. فكان الجميع يرحب بهم لأنه ماكانش فيه حاجه تتآكل خالص في خليج نعمة، لا مطعم ولا سوبر ماركت. وكانت تلك أوقات حفلات شواء barbeque وموسيقي وسمر يذكرها أهل شرم الشيخ القدامي الي الان..

“الشمندورة” والخيام أول مظاهر السياحة في خليج نعمة

أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة
أول من سكنوا شرم الشيخ القديمة

وظل الحال على ماهو ..حتي جاء واحد مصري اسمه “محمد الجافي” وأنشأ مجموعة من الخيام علي الجانب الشمالي للشاطيء، بينما قرر بعض الشباب المصري (المتخرج حديثاً من الجامعة) أن يبقوا في سيناء. فجمعوا ما معهم من مال (كل واحد كام 100 جنيه) وعملوا  في وسط شاطيء نعمة مشروع سوبر ماركت اسمه “الشمندورة”. ومن شمندوره أتمدد المشروع الي سوبر ماركت ملحق به مطعم بسيط اسمه snack bar. وكان الشباب دول يعملون في المطعم بأنفسهم وهما لابسين مايوهات ليل نهار وحافيين طول السنه. هو ده كان الشكل. وبعدين لما ال snack bar بقي هو مكان لالتقاء الجميع (ال hang out يعني) توسع اصحابه اكثر وأقاموا عشش بالخوص للإيجار.

 وهكذا مضت سنوات جميلة عاشها الشباب الذين يذهبون الي شرم الشيخ في الاجازات، كما يذهب شباب اليوم الي الجونه والساحل، وكما كان جيل من سبقونا يهرب الي العجمي، ليعيشوا قدرا من الحرية والانطلاق.

وعلي أرض خليج نعمة الرملي، اللي ماكانش فيه ولا رصيف أو شارع أو أسفلت خالص، واللي كانت كلاب الجبل الصحراوية تظهر فيه في مجموعات كبيرة مقلقة، وكانت الضباع (اللي هاجمني واحد منها في الناحية الغربية من طريق دهب سنة ١٩٨٩) كانت بتنزل جنبه تاكل من اَي زباله. ومابين نوادي الغوص القليلة والجافي كامب والسناك بار وعششه (اللي تحولت فيما بعد الي فندق صنافير ثم تطور الصنافير الي Pacha) كانت هي دي التجربه السياحية اللي لفتت أنظار صانعي السياحة في العالم كله الي شرم الشيخ. فقد بدا واضحاً إن فيها مقومات potentials. ومقومات كلمة جايه مِن “قام يقوم”، يعني المكان محتاج اللي يقومه.

رحلة شرم الشيخ من يد العدو للعالمية

رحلة شرم الشيخ من يد العدو للعالمية
رحلة شرم الشيخ من يد العدو للعالمية

حبينا شرم الشيخ علي الطريقة اللي ذكرتها، فكنا في الاجازات ننضم الي من بقوا هناك، فنتنقل معهم من شاطيء الي أخر، كما يتنقل الناس الآن علي جزيرة ايبيزا الإسبانية طوال اليوم. فهناك شاطيء للسباحة وآخر لمشاهدة الغروب وآخر للعشاء والسهر وهكذا. الي أن فوجئنا ذات يوم بكم هائل من المعدات والأوناش وناس كتيره جدا في وسط خليج نعمة. مين دول؟ ماحدش عارف. وفِي خلال يومين تلاته اتعمل حواجز صاج كبيره وعاليه من أول رمله الشاطيء لحد الطريق اللي رايح دهب واتحطت يافطة كبيرة، كانت لوحدها أكبر من اَي منشأة موجود في المنطقة. و قرينا وفهمنا ان أتحدد هنا ارض مشروع “شركة فيكتوريا”! الموقع بتاعها قسم شاطيء الخليج كله نصين بالطول. يعني اللي في سناك بار مايشوفش جافي كامب.

طبعا رواد المكان، واحنا معهم، ماعجبناش الكلام ده خالص! ايه يا عم؟ هو فيه ايه؟ انت مين؟! وفيكتوريا ايه؟ الشكل ده ما ينفعش هنا. وحصلت شويه وقفات احتجاجية وتجميع توقيعات علي أوراق بتقول حتخربوها. ده هي حلاوتها في كده. حلاوتها انها بسيطة. وطبعا فيه اللي رفع يفط بيقول فيها “اغسلوا فلوسكم في حتة تانية”.

الماضي بالشواطئ المصرية
الماضي بالشواطئ المصرية

المهم بعد كام يوم بدأوا في بناء فندق فيكتوريا. وشوية شوية ابتدينا نسمع كلام بييجي متسرب ومتقطع وضبابي وما تعرفش مين مصدره، عن الراجل الغامض صاحب المشروع العملاق اللي بيتعمل في وسط مجري السيل. ولمن لا يعرف فان سيل العاط، زي ما البدو والأجانب القدامي اللي عاشوا سنين في الشرم وشافوا اخر سيل نزل في ١٩٧٩ قالولنا، شيء رهيب وانه بينزل مره كل ١٢-١٥ سنة وبيشيل اَي حاجه قدّامه ويرميها في البحر، حتي جلاميد الجرانيت اللي أوزانها فوق العشره طن وأكبر من حجارة الهرم!!!!! ولذلك لم يجروء احد أبدا علي إقامة اَي منشات في وسط خليج نعمة. ياعم انت بتعمل ايه؟ ده المحتلين نفسهم بعدوا خالص عن مجري السيل ده!  بعدها طلع كلام ان صاحب المشروع حيبني ثلاث سدود كبيرة علي حسابه لوقف السيل في حالة نزولة. وافتي الغاضبون ان “ولا عشرين سد” يقدروا يوقفوا سيل العاط، لأن في الوقت بتاع المطر بترمي في مجراه مخرات كل سيول الجبال والوديان المحيطة بالمنطقة وعددها بالعشرات، فلما ييجي الطوفان الكبير مابيخليش. وقالوا أن موجته بتبقي بارتفاع التلال وأنها حتدمر السدود، وحيبقي الأمر أخطر لأن كل خرسانات السدود حتنجرف مع السيل في اندفاعه وتبقي زي القنابل، وتضرب اَي مباني في خليج نعمة وتبقي كارثة تسيء لسمعة المكان.

وحتى عام  ١٩٩٠ ماكانش فيه غير طيارة واحده صغيرة بمراوح، تبع “اير سينا”، هي الي بتيجي من مصر لشرم كل كام يوم. ومره واحده لقينا طيارة  private jet صغيرة طايرة فوقينا، وقاعدة تلف فوق الخليج. وكل كام اسبوع نشوف نفس الطيارة تيجي تعمل نفس اللفه وتمشي بسرعه. مين ده؟ وقتها سمعت الاسم لاول مره في حياتي: حد قال ده “حسين سالم”. جاي يبص علي مشروعه من الجو.

اختفاء الضباع والكلاب مع البناء والتعمير

رحلة شرم من يد العدو للعالمية
رحلة شرم من يد العدو للعالمية

اللي بِنَا فندق شركة فيكتوريا عمال صينيين، والحقيقة خلصوه في أقل من سنه، في الوقت اللي الواحد مننا كان صعب يلاقي في الشرم عامل بناء واحد. واللي يبعت يجيب من مصر طن أسمنت كان يجيله بعد سنه. الصينيين، اللي كانوا بالمئات، خلصوا الفندق الكبير في سنة وكمان خلصوا علي كل مجموعات الكلاب البرية. ازاي؟ أكلوها كلها. وعرفت لاول مره ان الصينيين يا سيدي بياكلوا الكلاب. حتي الضباع ما بقتش تنزل الخليج لانها بقت بتخاف من دوشة وحركة الأعمال الإنشائية أو يمكن خافوا من الحركات الصيني.

بعدها تحولت هوية المقصد السياحي من منطقة غوص وسياحة التفرد، لمنطقة فنادق عالمية وقري سياحية تحمل اسماء غير “جافي وصنافير والشيخ علي وال lazy days و الحاجات الغريبة دي.

تذاكر الطيران لشرم الشيخ بـ 90 جنيه من القاهرة

وسريعا ما تغيرت يافطة فيكتوريا واتحط علي مدخل الفندق اسم Movenpick Jolie Ville بطاقة نحو ٦٠٠ غرفة فاخرة. وكانت تلك أولي بصمات الرجل الغامض الذين عرفنا فيما بعد أنه من رجال المخابرات القدامي. وسريعاً أيضا تم تشغيل خط مصر للطيران برحلة بوينج يومية من القاهرة، مالبثت أن زادت لرحلتين، واحدة صباحاً والأخرى ليلاً، وكانت التذكرة ب٩٠ جنية. وتزايدت أعداد السائحين السويسريين بشكل كبير وجاءت مجلات السياحة العالمية لتكتب عن فندق موفنبيك شرم الشيخ وتثني علي إدارته السويسرية بقيادة خبيرة الضيافة المديرة اناتينا بينوش، والذي تعلم علي أيديها كل المصريين الذين، فيما بعد، قاموا بإدارة كل الفنادق اللي انتشرت في الشرم.

وهكذا وضعت شرم الشيخ علي الخريطة السياحية وزاد اهتمام الدولة بها، فرصفت الطرق وشيدت كورنيش بطول الشاطيء “عليه حاجات غريبة اسمها عواميد نور!” وجاب الموفنبيك نخل كتير قوي وزرعه علي الشاطيء، بالاضافة الي الأربع نخلات اللي كان مافيش غيرهم في الخليج كله، وكان اللي يحجزهم علشان يقعد في الظل بيشعر انه ملك، ويعزم الناس يقعدوا معاه. وساعات كان ييجي واحد بدوي ماتعرفش هو اصلا جاي منين (لان كل منطقة شرم الشيخ للغرابة مافيهاش تجمعات بدو) يقول لك النخله دي بتاعتي ولازم تديله نص جنيه مثلا علشان تخللي الخيمة او الكراسي او العربية في الظل تحتها، وكده يعني.

مظاهر التغيير بين الماضي والحاضر

سيارة كلاسيكية على الشواطئ القديمة
سيارة كلاسيكية على الشواطئ القديمة

وشوية شوية اتغيرت الحياة وبقي فيه سواح بيلبسوا جزم وترابيزات عليها مفارش بيضا مكوية، وناس كبار من اوروبا متشيكين علي العشا ومش بيعملوا اَي صوت…ده كان زمن السويسريين الذي لم يمتد طويلا.

ماكانش فيه مياه حلوه في شرم الشيخ، فكنت زي كل الناس باشتري لبيتي من العربيّات اللي بتملأ فناطيسها من مدينة الطور اللي تبعد عن الشرم ١٠٠ كيلو. كان عذاب موضوع المياة وماكانش متوافر منها لعملية البناء اللي ابتدت. فحسين سالم عمل في شرم الشيخ محطة تحلية مياة تكفي فندقه وتكفي احتياجات الشرم كلها.

ومن بعده جاء رجل الأعمال الايطالي المعروف بيرتوني وعمل مشروع الشيخ كوست (فنادق وكازينوهات وفيلات اللي بقي اسمها دلوقتي كورال باي) وقال لك حيجيب مشاهير ايطاليا والعالم يسكنوا هنا . وتحقق ذلك وجه التلفزيون الطلياني يصورهم ومامما ميا و كيه بيللو)، فكلها سنة والسياحة الإيطالية هجمت وبقت الدنيا زيطة. واتفتحت في خليج نعمة فنادق تانية كتير ومحلات ومطاعم وبازارات وبارات في “ريح” حسين سالم، وبقت هي دي الحتة اللي اشتهرت بيها شرم الشيخ في العالم كله. وحضرنا تحول خليج نعمة لمستعمرة إيطالية لدرجة ان ايطاليا فتحت قنصلية علي الشاطيء علشان ترعي مصالح مواطنيها اللي بيستثمروا في الفنادق أو شركات السياحة أو اللي بيشتروا أصول. وبالمناسبة، السياحة الإيطالية بتاعة  حسين سالم في التسعينيات في شرم الشيخ هي اللي عملت كل البهوات اللي بقوا دلوقتي اصحاب شركات سياحة كبري.

ثم اصبح حسين “بيه” هو كبير المنطقة وأشار بالتطوير اللازم وساهم فيه بأمواله. وكبر المطار الصغير اللي كان اسمه مطار راس نصراني وعملوا مكانه مطار معتبر اسمه مطار شرم الشيخ الدولي.