الرحالة و المسافرون العرب

رمضان في القاهرة : سحر المدينة العامرة بطقوس لا يكتمل الشهر دونها

لن تجد مثيلًا لشعور تجربة حضور شهر رمضان في القاهرة حيث تمتلئ الأجواء بالزينة والروح الطيبة وحب الخير، مع أصوات ترتيل آيات القرآن الكريم، كما تعج الشوارع بموائد الإفطار الجماعية، والتمور والعصائر في كل شارع من شوارعها، فتشتكل لوحة من الخير والجمال.

رمضان في القاهرة

هل صادفك من قبل وقت آذان المغرب برمضان في أحد شوارع القاهرةء وأنت داخل سيارتك أو إحدى سيارات الأجرة لا تعرف بماذا ستفطر، وهل ستلحق العودة إلى منزلك أم لا؟

إذا صادفك أم لا من المؤكد أنك سمعت عن “التمر والعصير” الذين يتم إلقاءهم لركاب السيارات المتواجدة في الشوارع في وقت آذان المغرب.

فرمضان في شوارع القاهرة له مذاقًا خاصًا، مليئًا بحب الخير والروح الطيبة والزينة الجميلة وصوت ترتيل أجمل آيات القرآن الكريم.

عند حضورك ليوم من أيام هذا الشهر المبارك في العاصمة أو حتى حضور كل أيام الشهر بها، لا يجب أن تحمل هم شيئًا، فأنت ستعيش تجربة لا تُنسى.

إفطار رمضان في القاهرة

مسجد الرفاعي بالقاهرة
مسجد الرفاعي بالقاهرة

لا تختلف موائد المنزل عن موائد الشوارع كثيرًا خلال هذا الشهر المبارك في هذه المحافظة الساحرة.

فالجميع يسارعون لإعداد أشهى المأكولات لوضعها على المائدة.
وواحدة من أشهر المأكولات التي ستجدها تزين مائدة إفطار أول يوم رمضان هي المحشي والبط، فالكثير من المصريون يقومون بإعدادها.

ثم تتوالى باقي أيام الشهر ألذ المأكولات والعصائر، التي يحب المصريون تناولها في هذا الشهر الكريم المبارك.

عادات بعد الإفطار

بعد تناول وجبة الإفطار لا مجال للاسترخاء أو الهدوء داخل شوارع القاهرة، حيث ينطلق الجميع إلى ممارسة عادة ما.

فالبعض يتوجه إلى صلاة التراويح في مساجد العاصمة الشهيرة كالسيدة زينب أو الحسين.

والبعض يميل إلى زيارة الأماكن التاريخية الأثرية كالمعز لدين الله.
ويستمر الأطفال في اللعب طوال فترة بعد الإفطار وقد تصل فترات لعبهم إلى وقت السحور.

حيث يأخذ كل طفل فانوسه و”الصواريخ” الخاصة به، ويتوجه للعب مع أصدقائه.

طقوس السحور

في القاهرة من المؤكد أنك ستحب أن تكون يقظًا حتى وقت السحور، لتحضر سماع أصوات لهو الأطفال في الشوارع.

أو لتقوم بصلة رحمك، أو لتنزل لتجوب شوارعها وترى زينتها وروحها المختلفة الطيبة الموجودة بين سكانها.

ولكن إذا لم تستطع الصمود وغفوت، فستستيقظ على صوت دقات طبول المسحراتي، وهو يوقظ النائم.

حتى أن البعض يجد ملذته في أن يرجو من المسحراتي أن يقوم بنداء اسمه خصيصًا أثناء ندائه على النائمين.

وقبل جائحة كورونا، لم يكن غريبًا أن يتناول المعتكفين في المساجد وجبة السحور داخل المسجد في أجواءٍ مليئة بالإيمان وحب الخير.

طقوس رمضان

رمضان بالقاهرة له طقوسًا خاصة ومميزة، صحيح أنها تتشابه مع الكثير من الدول العربية في إقامة موائد الرحمن وعمل الخير.

إلا أنها تبقى ذات طقوس مميزة، حيث تجد بعض المصلين مثلًا يهرعون إلى زيارة ضريح الإمام الحسين، ليتباركوا به ويدعون ما بما يأملون تحققه.

رمضان في القاهرة
رمضان في القاهرة

ثم يتوجهون بعد الصلاة إلى الميدان الكبير، ليتناولوا وجبة الإفطار في موائد الرحمن التي تملئ الشوارع.

وفي القاهرة لا تتم إقامة موائد الرحمن فقط في الشوارع بل لا تتعجب إذا رأيت أسطح المنازل تستقبل الصائمين، وتقدم لهم أشهى الوجبات.

وواحدة من الطقوس التي يحب جميع المقيمين في القاهرة تجربتها، هي زيارة شارع خان الخليلي مساءً.

فبه يشعرون بالأجواء الرمضانية الروحانية المميزة، حيث تنتشر الهدايا والمعادان والجلود والمصنوعات اليدوية والأحجار الكريمة.

ثم يحبون المرور على الجانب الآخر حيث جامع الأزهر، ليسمعوا ترتيل القرآن الكريم بأجمل الأصوات، ويحضرون بعض الدروس الدينية.

ويبقى لشارع المعز في هذ الشهر الكريم مذاقًا خاصًا، حيث يتوافد المواطنون للجلوس على مقاهيه القديمة.

وتناول وجبة إفطار وسط البيوت الأثرية التاريخية المنتشرة به.

كيف يبدو الخير المصري في رمضان

وفي هذا الشهر المبارك تضج شوارع القاهرة بحب وعمل الخير من قبل الصغير والكبير، وواحد من أكثر المشاهد شيوعًا هو توزيع العصائر والتمور.

موائد الرحمن في رمضان
موائد الرحمن في رمضان

فتجد الكثير من الشباب وكيار السن والأطفال أيضًا يقفون في شوارع القاهرة ليقوموا بتوزيع التمور والعصائر على الصائمين، الذين اضطروا للتواجد في الشوارع بوقت الإفطار.

كما ستجد موائد الإفطار تزين مختلف الشوارع مليئة بأشهى المأكولات وألذها، حيث يقوم الكثير من محبي الخير بإعداد موائد رحمن كبيرة.

وهي موائد يستطيع كل من يمر أمامها الجلوس للإفطار عليها، فهي غير مخصصة فقط للمساكين والمحتاحين.

بل يستطيع كل من يرغب في تناول الإفطار أن يجلس عليها.
يتجلى الخير في رمضان بشوارع القاهرة أيضًا في القيام بتوزيع وجبات وحبوب الطعام واللحوم على بيوت الفقراء والمحتاجين.

كما يقوم العديد من الشباب والجمعات الخيرية بعمل مبادرات تهدف إلى مساعدة كل المحتاجين والفقراء الموجودين بالعاصمة.

يسعى جميع المقيمين في القاهرة إلى عمل الخير، حتى من لا يملكون الأموال الكافية إلى ذلك.

فمن لا يملك أموال تكفيه لعمل الخير، تجده يسارع في التبرع بمجهوده أو بوقته.

هل أثرت كورونا على رمضان في القاهرة

رمضان في القاهرة
رمضان في القاهرة

أثرت جائحة كروونا بشكلٍ كبير على طقوس المصريين، فحرمتهم من إقامة موائد الرحمن ومن الإعتكاف في المساجد، بل وحتى في العام الأول من الجائحة لم يتمكنوا من إقامة صلاة التراويح.

ولكن لأننا شعب يحب الفرح وإعطاء الشعائر الدينية حقها، فقد تغلب المصريون على ذلك، بتزيين منازلهم، وتخصيص أماكن صلاة بها.

فيجتمع أفراد الأسرة في هذه الأماكن ويقومون بآداء صلاة التراويح سويًا.

كما واصلوا عمل الخير بإعداد وجبات شهية وإيصالها ألى المحتاحين دون إقامة موائد رحمن.
يبقى هذا الشهر الكريم في شوارع العاصمة شهرًا مليئًا بالخير واللحظات الطيبة والجميلة، التي يتمنى الكثيرون حضوره بها، رغم وجود جائحة كورونا.

اترك تعليقا