صحراء مصر : ثلوج صحراوية ورمال سوداء وذهبية

كعادتها صحراء مصر تذخر بأماكن سياحية فريدة لا تتكرر مرتين ولا تجتمع في بلداً واحدة، وكأن الله يُفّضل دائماً أن يهديها هبات إلهية لا مثيلُ لها، صحراء براقة تنافس في لمعتها الذهب النفيس وأخرى بيضاء لا تتنازل عن لؤلؤها الماسي في رونقه.

لتأتي صحراءها السوداء قائلة فأنا قوة الماضي وبقاء الحاضر، لوني القاني يتحدث عن صلابتي وصمودي آلاف السنوات، أمام الحروب والغزوات، ومازلتُ أنا .. ومازالت مصر باقية.

أشكال صحراء مصر الملونة

صحراء مصر حيث الكنوز التي لن تنفذ أبداً وما بين أكتشاف الآثار والمقابر مع الأهرامات، تجد صحراء أخرى مكتفية بذاتها تحمل تاريخ بعيد تملؤه الحفريات والجبال والرمال ذات الألوان التي تبتعد عن الشكل التقليدي لصحراء العالم،  حيث تجدها شامخة بألوانها المتنوعة.

الصحراء السوداء أرض التلال البركانية

مزج لوني بين الأسود والذهبي يسرق العين ويشعركم بالانغماس داخل أزمنة حضارية قديمة، شكّلها القوة مع الجمال، فتقفون داخلها بأرواح مُغامرة لا ترى إلا اكتشاف تلك الثنايا الصحراوية المُهيبة.

داخل جبال عاتية يتحدث لونها عن قوتها، وصمودها أمام تغيرات الزمن، ترى جمالها الأخاذ بوضوح من قمة جبل الإنجليز، أعلى قممها الجبلية السوداء، التي أخذت تسميتها بناءً على مسحوقها الأسود  المُشكل من فُتات الانفجارات البركانية الجافة التي كستها منذ ملايين السنوات بالعصور القديمة.

فترجع صخورها المُزينة لتلالها السوداء إلى مواد يُطلق عليها  “الدوليرايت”  والكوارتز الحديدي بالصحراء الغربية جنوب واحة الفرافرة التي يعود زمن نشأتها لأكثر من 180 مليون سنة سابقة بالعصر الجوراسي.

والحقيقة أن جمالها اللوني، مع تباعد التلال المُنعزلة على أطرافها التي جعلت لها ملمح خاص ميزها عن باقِ المنخفضات الصحراوية الأخرى، لم تكن وحدها الأسباب المُميزة للصحراء السوداء، بل كان لاختلاف أشكال وأحجام تلالها، مع تباين توزيع حباتها السوداء على قمم بعضها وكساء البعض الأخر، لها رونقاً خلاب يُكمل لوحتنا الزيتية الجميلة.

أشهر معالم الصحراء السوداء

• يعتبر أشهر جبال الصحراء السوداء هو جبل “المرصوص”، المكسو بالكامل بمادة الجاسبر البركانية الموُزعة عليه بكل انسيابية.
• جبل البانوراما الذي أخذ اسمه من انبهار الزائرين بالصور البانورامية التي يلتقتونها من أعلى قمته.
• فضلاً عن جبل ” الإنجليز” الذي تحدثنا عن قمته من قليل، ليُعد الأشهر من بينهم لأحداثه التاريخية المرتبطة بالحرب العالمية الأولى، بعدما اتخذته قوات الاحتلال الإنجليزي ليكون قوة تمركزهم من أعلى قمته لاكتشاف أي تسلل عدائي.

وإلى الآن يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم لقمته البازلتية، ذات البئر المائي الروماني كأطلال شاهدة على الحرب، بالمنطقة الفاصلة بين مدينة الباويطي وقرية منديشة.

كما تم الإعلان عن الصحراء السوداء كمحمية طبيعية عام 2010 بعد اكتشاف ثاني أضخم هيكل لديناصور بالعالم على حدودها بمنطقة قريبة من الواحات البحرية واقعة بين جبلي “المغرفة” و”الدست”، إضافة لاكتشاف بعضاً من بقايا الشجيرات وقطع أخشاب متحجرة التي كانت دليلاً على وجود حياة بوقتاً سابق.

الصحراء البيضاء.. صحاري الثلوج

اما هنا فانتقلنا معاً لحياة أخرى وأزمنة بعيدة كل البعد عن حديثنا السابق، فانتقلنا من قوة وشموخ التاريخ، لأجواء عصرية هادئة يملؤها الصفاء، ترى أعينكم داخلها حياة ثلجية يكسوها اللون الأبيض وتشعر أجسادكم بحرارة الصحراء، وتسير أقدامكم على أمواجها المتحجرة.

فتشعرون باحساس خاص يُضاف لأروحكم من تنوع صحراء بيضاء تختلف عن كل أقرانها من الصحراوات العالمية الأخرى.

وبين الصخور الصحراوية التي تشبه الثلوج في لونها، بالصحراء البيضاء التي تبعد مسافة 126 كيلومترًا جنوب غرب الصحراء السوداء، تستمتعون برؤية  تجمعات بلورية جذابة على جانب طريقها السريع، متكونة من بلورات الباريت أو الكالسيت، مع مساحات واسعة تُزينها أشكال أشبه بالفطر الجيري تسمى بمنطقة الماشروم.

وهي عبارة عن تكلسات تكونت بالصحراء منذ أكثر من 80 مليون سنة، وهي نوعية فريدة من التكلسات يُطلق عليها “الكارست”، وتعتبر من أكثر المناطق التي تجذب السياح عالمياً، خاصة بعد عوامل التعرية التي حولت كهوفها إلى أشكال حياتية مألوفة.

متحف المنحوتات الطبيعية داخل صحراء مصر البيضاء

وما يجعل جولتكم داخلها أكثر تشويقاً هي وفرة الأشكال الصحراوية التي تصنع بمفردها متحف خاص لفن المنحوتات الطبيعية، فتتحول لجولة ثقافية ممتعة، فضلاً عن متعة مغامرات الصحراء، وهي الأخرى صُنفت كمحمية طبيعية بعام 2002 من قبل الحكومة المصرية.

حيث كونت أحجارها الجيرية أشكال طباشيرية تجذب الأعين مثل رأس طائر، وقبة مرتفعة كعش الغراب، وغيرها من الأشكال والأحجام المختلفة، فضلاً عن مجموعة من الأشكال الغير منتظمة التي تهيأ لكم أنها نشأت مباشرة بعد انفجار نووي مصغر أو تم استخراجها من باطن الأرض ببروزها المتنوعة.

كما امتازت باشتمالها على أشجار متحجرة كأشجار السنط، وحفريات لا فقارية مع الكثبان الرملية، وبعض الآثار القديمة، والكهوف، والقليل من الحيوانات البرية كالغزلان وبعض الطيور، مع العلم أن عدم وجود أي حيوانات مفترسة بالصحراء البيضاء في مصر، على عكس المعروف بالصحاري بشكل عام.

اما بالنسبة للتخييم في الصحراء البيضاء، فهي من أفضل أماكن التخييم عامة، فما أجمل من قضاء ليلة سماوية تحتار ستار النجوم دون حواجز تمنعكم عن حب الطبيعة، و بإمكانكم إقامة رحلات تخييم بالصحراء البيضاء، إذا توافر معكم دليل للصحراء، حتى يمكنكم العودة بطريقة أيسر.

صحاري مصر الذهبية الأشهر في صحراء مصر

وهنا لا يمكننا الحديث إلا عن متعة الاستجمام بين البحار بمياهها الزرقاء ذات السماء الصافية، وسط هذه الرمال الصفراء مع نسيم الهواء فينسيكم ضغوط الحياة ويستبدلها براحة نفسية لا مثيلاً لها.

وهنا حديثنا ليس عن منطقة واحدة بل عن ساحات ضخمة من مساحة مصر الكلية، ولكم اختيار ما تشاءون  لبداية الاستمتاع أولاً.

فهي صحراء ذهبية زينتها الجبال والهضاب والتلال، حول وديان المياه والشواطئ والضحكات السعيدة، ويعتبر أجملهم على الاطلاق شرم الشيخ، دهب، طابا، سيوة، الفيوم، جبل سانت كاترين، نويبع، راس شيطان.

ولكم في السفر حياة