الرحالة و المسافرون العرب

رحلات ابن بطوطة : رحلات ومغامرات أمير الرحالة العرب حول العالم

رحلات ابن بطوطة | الرحالة |

في عصر لم يظهر فيه النقل، كما لم تظهر فيه الوسائل الحديثة، قرر ابن بطوطة القيام بأطول رحلة في العالم، لم يسبقه أحد إليها في عصره، ليؤرخ للعالم عادات وتقاليد البلاد في ذلك العصر، أهم معالمها، وفنونها وثقافة شعوبها، لذا نستعرض معكم رحلات ابن بطوطة حول العالم، وما واجهه من مخاطر وأهوال خلالها.

سبب تسميته ابن بطوطة

اختلفت الأقاويل في سبب تسمية ابن بطوطة بهذا اللقب، فالبعض يذكر أنه أخذ هذا اللقب من والدته “فاطمة”، حيث أن أهل المغرب يطلقون على من تسمى فاطمة بـ “بطوطة”، والبعض الآخر يذكر أنه تم أخذه من عائلته، مستندين على اسمه بالكامل، وهو “أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتى الطنجى بن بطوطة بن حميد الغازى بن القريش العلى”.

رحلات ابن بطوطة

بدأت أولى رحلات ابن بطوطة حين كان ذاهبًا لأداء فريضة الحج عام 1325، ولكن لم تقتصر رحلته حينها على الحج، حيث انتقل ابن بطوطة بين الكثير من دول العالم في ذلك الوقت، فقد طاف بلاد الشام والعراق ومصر واليمن وتركستان، كما زار الهند والصين وبلاد ما وراء النهر.

رحلة ابن بطوطة إلى العراق ومصر وفارس

بدأ ابن بطوطة رحلته التي استمرت 25 عامًا، حيث بدأ بتونس وليبيا حتى وصل إلى مصر، ومن مصر انتقل إلى جدة، ولكنه اضطر إلى العودة مرة أخرى إلى العاصمة المصرية بسبب معركة بين الممالك وأهل البجة.

بعد الانتهاء من رحلته في مصر، انتقل ابن بطوطة إلى بلاد الشام، ثم اتجه إلى مكة لأداء فريضة الحج، ومن بعدها إلى العراق وتبريز بصحبة الإيلخان السلطان أبي سعيد بهادُر، ثم عاد مرة أخرى إلى مكة، واستقر بها 3 سنوات.

وقد وصف ابن بطوطة مصر في كتابه رحلات ابن بطوطة كالتالي:

“بها ما شئتَ من عالِمٍ وجاهل ، وجادٍّ وهازل ، وحليمٍ وسَفيه، ووضيع ونبيه ، وشريف ومَشْروف ، ومنكر ومعروف، تموجُ موجَ البحرِ بسكّانها، وتكادُ تضيقُ بهم على سعة مكانها وإمكانها، شبابُها يُجدُّ على طول العهد، وكوكب تعديلها لا يبرح عن منزل السعد، قَهَرَتْ قاهرتُها الأممَ ، وتمكَّنت ملوكُها نواصي العرب والعجم، ولها خصوصيةُ النيل، الذى أجلَّ خطرَها، وأغناها عن أن يستمدَّ القَطْرَ قطرُها، وأرضُها مسيرة شهر لمُجدّ السير، كريمةُ التربة، مؤنسةٌ لذى الغربة …”.

رحلة ابن بطوطة إلى اليمن

انتقل ابن بطوطة بعد استقراره 3 سنوات في مكة إلى اليمن، حيث تعرف على معالم عدن، وتقاليد أهلها، والتقى بالملك نور الدين علي ، ثم وصل إلى عمان والبحرين، ومنها إلى مكة لأداء مناسك الحج للمرة الثالثة، حيث التقى بـ الملك الناصر محمد بن قلاوون سلطان المماليك في مصر الذي كان يؤدي مناسك الحج بدوره.

رحلة ابن بطوطة إلى الصومال

بعد أن انتهى ابن بطوطة من زيارة عدن، انتقل إلى زيلع الصومالية، ومنها إلى أكثر من مدينة صومالية، حيث استقر في كل مدينة لمدة أسبوع كامل، وقد وصف مقديشو في كتابه بالمدينة الكبيرة بإفراط.

ويقول ابن بطوطة في وصفه لطبيعة أهل الصومال، وعاداتهم في الطعام: ” طعامهم الأرز المطبوخ بالسمن، يجعلونه في صفحة خشب كبيرة، ويجعلون فوقه صحاف الكوشان أو الإدام من الدجاج واللحم والحوت (السمك) والبقول. ويطبخون الموز قبل نضجه في اللبن الحليب، ويجعلونه في صحفه، ويجعلون اللبن المروب في صفحة، ويجعلون عليه الليمون المصبر وعناقيد الفلفل المصبر المخلل والمملوح والزنجبيل الأخضر والعنب قبل نضجه (ثم يصف العنب بعد نضجه معجباً بطعمه اللذيذ، وأنه يشبه التفاح لكنه صغير الحجم، وهم إذا أكلوا لقمة من الأرز، أكلوا بعدها من هذه الموالح والمخللات”.

ثم يضيف: “الرجل الواحد من أهل مقديشو يأكل قدر ما يأكله جماعة منا” وهو ما يكشف عن عادات سكان بلاد الصومال في تناولهم للطعام.

رحلة ابن بطوطة إلى الشرق الأدنى وآسيا الوسطى

سافر ابن بطوطة إلى الهند برفقة سلطان دلهي محمد بن توغلوك مع قبائل الحجاج المتجهة إلى هناك، حيث عمل مترجمًا ودليلًا للقافلة، ثم انتقل بعدها إلى تركيا وشبه جزيرة القرم، ثم إلى القسطنطينية عام 1334، حيث قابل الإمبراطور أندرونيكوس باليولوقوس الثالث، ثم انتقل إلى أفغانستان حتى وصل إلى الهند التي قضى بها 9 سنوات.

نقل ابن بطوطة بعض المعتقدات الرائجة في الهند في ذلك العصر، كإحراق الأرملة نفسها حزنًا على زوجها، عبادة البقر، وحرق الميت من الهندوس، والصراع بين الهندوس والمسلمين.

رحلة ابن بطوطة إلى الصين وآسيا

كانت رحلة ابن بطوطة إلى الصين من أكثر الرحلات الشاقة ، حيث تعرضت القافلة التي انضم إليها ابن بطوطة المتوجهة إلى الصين، إلى هجوم كبير من بعض العصابات، مما تسبب في تشتيت القافلة، ولكنه استطاع بعد ذلك في اللحاق بها، والانضمام إليهم مرة أخرى، كما غرقت إحدى السفن بعد هبوب عاصفة قوية.

زار ابن بطوطة جزر المالديف خلال طريقه إلى الصين، حيث ظل بها 3 سنوات، تزوج فيها 4 نساء، وكان من عادة النساء في ذلك العصر أن يمشين عاريات الصدر، فطلب منهن تغطية أنفسهن، ولكنهن لم يمتثلن لأوامره، فطلب ابن بطوطة أن لا تقف أي سيدة أمامه حتى تغطي صدرها، فأصبحت عادة سارية لديهن.

تولى ابن بطوطة القضاء في جزر المالديف لمدة سنة ونصف، ثم ذهب إلى جزيرة سومطرة لحضور عرس ولي عهدها الملك الظاهر، ثم انتقل إلى العراق، ثم دمشق، ومنها إلى مصر، حتى وصل إلى مكة لأداء الحج، ثم عاد إلى مصر، متوجهًا إلى تونس، حتى وصل إلى بلاده المغرب عام 750 هجريًا.

رحلة ابن بطوطة إلى الأندلس

بعد أن استقر ابن بطوطة في فاس لمدة عام، شعر بالرغبة في معاودة رحلاته، فسافر إلى غرناطة، ولكنه لم يستقر بها لوقت طويل، حتى عاد مرة أخرى إلى فاس، ثم زار في رحلته الأخيرة بلاد السودان ومالي وتمبكتو، حتى عاد إلى فاس بأمر من السلطان أبي عنان.

كتاب ابن بطوطة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

استقر ابن بطوطة بعد رحلاته في حاشية السلطان أبي عنان المريني، وبدأ يسرد على الناس ما واجهه في رحلاته، والغرائب والطرائف التي شاهدها، فأعجب الناس بما يقول، حتى طلب منه الملك أبي عنان المريني تدوين مذكراته، بالاستعانة إلى كاتبه محمد بن جزّى الكلبي، وقد أطلق على كتابه ” تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” .

اترك تعليقا