الرحالة و المسافرون العرب

جامع الزيتونة في تونس: رمز السياحة الروحانية على الأرض الخضراء

جامع الزيتونة هو الأكبر والأقدم داخل تونس الخضراء، فبجانب إقامة الفروض الخمس فيه كان مركزًا للعلم والثقافة، كما اتخذه التونسيون منه درعًا للحماية من الهجمات العدائية، حتى أصبح له دورًا في صفحات التاريخ.

بهذا الشكل اكتسب جامع الزيتونة شهرته الواسعة، والذي يتميز تصميمه البديع بأرقى أنواع الزخارف، وبموجب ما سبق يصحبكم «الرحالة» في جولة بداخله.

تاريخ بناء جامع الزيتونة

بُني الجامع في الفترة بين عامي 856 و864 ميلاديًا، وذلك بأمر من عبدالله بن الحبحاب والي إفريقية في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك، جاء ذلك على أنقاض كنيسة.

ويعتبر هذا الصرح هو الثاني بعد جامع عقبة بن نافع بالقيروان، ولعب وقتها دورًا دفاعيًا يتجسد من خلال وجود برجين في الزاويتين الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية، كما هو الحال في جامع المهدية.

سبب تسمية الجامع بالزيتونة

أرجع المؤرخون تسمية الجامع بالزيتونة إلى شجرة زيتون كانت موجودة في المكان الذي بني فيه الجامع.

تصميم جامع الزيتونة

يمثل جامع الزيتونة تحفة معمارية على مساحة 5 الآف متر2، فتتسع ساحة الصلاة لـ1344 متر2، وتأخذ هيئة مربع غير منتظم، كما يوجد صحن بدون أروقة تسيجه جدران مدعمة في الركنين ببرجين.

وتنفتح الواجهة الرئيسية بعدة أبواب تؤدي إلى داخل الصحن المبلط المحاط به 4 أروقة، وتتكون هذه القاعة من 15 بلاطة موازية لجدار القبلة، وتغطيها سقوف خشبية تحملها أقواس دائرية متجاوزة تستند على أعمدة ذات تيجان قديمة جُلبت آثار قرطاج.

وتتميز البلاطة الوسطى والرواق المحاذي لجدار القبلة باتساع أكبر، وتعلو مكان التقائهما قبة المحراب ذات القاعدة المربعة وعنق القبة المثمنة على حنيات ركنية وقبة مضلعة، وترتفع بمدخل قاعة الصلاة تحت الرواق قبة ثانية أضيفت خلال القرن الـ11، لتضفي قيمة أكبر لمحور المحراب.

فيما زُينت الواجهات الخارجية للقبة بكوات تزخرفها حجارة بلون المغرة والآجر الأحمر، ويحمل تصميم جامع الزيتونة وطرازه تأثيرات جامعي القيروان  وقرطبة، ويصل التشابه بين جامعي الزيتونة والقيروان حد الاعتقاد بمشاركة نفس المهندس في أشغال التصميم والبناء.

بينما زُين محور المحراب وعظم دوره على مستوى رواق القبلة بوجود قوس كبير وعال يحده عقدان أصغر حجمًا، وهو مايذكر بأقواس النصر الرومانية، ويحد القوس من كل جانب 3 أعمدة.

وتمثل قبة الرواق، الذي يؤدي إلى قاعة الصلاة، في مسجد الزيتونة رمزًا للتأثير الأندلسي، فهناك كوات ذات عقود مفصصة تؤطرها أخرى دائرية تتراكب على مستويين، وتتشكل الأقواس الدائرية من فقرات متعددة الألوان.

قد يهمك: الاماكن السياحية في تونس : دليلك السياحي الشامل لأجمل 6 مدن تونسية

حمام جامع الزيتونة في تونس
حمام جامع الزيتونة في تونس

مكتبة جامع الزيتونة

احتوى جامع الزيتونة على مكتبة دشنها أبوزكريا الحفصي في القرن السابع الهجري، ووضع فيها 40 ألف مخطوط، وبتوالي الخلفاء مدوها بأهم الكتب القيمة، والتي اشتملت على إهداءات حملها المهاجرون من الأندلس.

كما تنافس أهل تونس وأمراؤها في إغناء جامعهم بالمؤلفات على أنواعها مما له علاقة بالتفسير أو الحديث أو الفقه، وغير ذلك من العلوم العقلية والنقلية، ولم تترك هذه الكتب هكذا نهبًا للفوضى، بل وجه أولو الأمر عنايتهم إلى تنظيم تداولها بين أيدي القراء والباحثين والدارسين، وحفظوها في خزائن مخصوصة داخل الجامع، كما حبسوا عليها الأوقاف لاستعمال ريعها وعائداتها لتغطية نفقات صيانتها وتأمين الرواتب المجزية للقائمين عليها.

أدوار لجامع الزيتونة

لم يكن المعمار وجماليته الاستثناء الوحيد الذي تمتع به جامع الزيتونة، بل شكل دوره الحضاري والعلمي ريادة عربية وإسلامية، إذ اتخذ مفهوم الجامعة الإسلامية منذ تأسيسه وتثبيت مكانته كمركز للتدريس.

كما لعب الجامع دورًا طليعيًا في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، وفي رحابه تأسست أول مدرسة فكرية بإفريقيا ومن أبرز رموزها علي بن زياد مؤسسها وأسد بن الفرات، والإمام سحنون صاحب المدونة التي رتبت المذهب المالكي وقننته.

واشتهرت الجامعة الزيتونية في العهد الحفصي بالفقيه المفسّر والمحدّث محمد بن عرفة التونسي صاحب المصنفات العديدة، والعلامة عبدالرحمن بن خلدون مؤسس علم الاجتماع، بجانب التيجاني، وأبوالحسن الشاذلي المتصوف صاحب الطريقة الشاذلية، والعلامة محمد الخضر حسين شيخ الأزهر.

شهد هذا الجامع نكسة كبرى عندما دخله الجيش الإسباني في عام 1573 ميلاديًا، فيما يعرف بموقعة الجمعة، واستولوا على مخطوطاته، ونُقل عدد منها إلى إسبانيا وإلى مكتبة البابا.

موقع جامع الزيتونة

يقع جامع الزيتونة الكبير بقلب المدينة القديمة، مطلًا على وادي قريانة في العاصمة تونس.

أقرب الفنادق لجامع الزيتونة

إذا كنت في جولة سياحية ورغبت في الإقامة بالقرب من جامع الزيتونة، يمكنك قضاء لياليك في فندق «بيرم بالاس» المصنف بـ5 نجوم، فهو يقع في مدينة تونس، ويضم مركزسبا، كما يوفر خدمة Wi-Fi مجانية، كما توفر جميع الأجنحة تكييف هواء وتلفزيون بشاشة مسطحة، ويحتوي الحمام الخاص على دش، ويمكن للضيوف الاستمتاع بالمأكولات المحلية في المطعم الموجود في الموقع بالإضافة لغرفة لتناول الشاي.

كما بالإمكان الإقامة في فندق «دار الجلد وسبا» المصنف بـ5 نجوم، فو يتميز بضم جميع الغرف على تكييف هواء وتلفزيون بشاشة مسطحة مع قنوات فضائية، إضافةً إلى ثلاجة وغلاية ودش ومجفف شعر ومكتب، كما توفر الغرف في هذا الفندق خزانة ملابس وحمام خاص.

مصدر ويكيبيديا
اترك تعليقا