الرحالة و المسافرون العرب

تمثالي بوذا في باميان صمدا أمام المغول ودمرتهما مدافع طالبان

صمدا تمثالي بوذا في باميان في وجه غزوات المغول وأهوال الطقس، يسهران على وادي باميان الخلاب لعدة قرون، إلى ان وصل حركة طالبان التي لم تتردد في القضاء على هذا الكنز الأثري القديم، فبعدما قصفتهما بالمدفعية أتت عليهما من خلال التفجير، بعد سنوات من الهجمات المدمرة في جميع أرجاء البلاد.

ويعتبر تفجير التمثالين الذين حفروا في جرف صخري في القرن الخامس وفجرهم أبناء من المنطقة جندتهم حركة طالبان واحدة من أسوأ الجرائم التي طالت مواقع أثرية في العالم، والتي ظهرت للعالم مدى تطرف حركة طالبان قبل أشهر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تسببت بغزو الولايات المتحدة لأفغانستان لاسقاط حكم طالبان.

ذكر تمثالي بوذا للمرة الأولى

أتى ذكر تمثالي بوذا للمرة الأولى في العام 400 بعد الميلاد في كتابات رحالة صيني وهما يؤشران إلى أهمية الوجود البوذي في قلب جبال هندو كوش على طول طريق الحرير الشهيرة.

ونحتا تمثالي بوذا في باميان باليد في جرف من حجر الصلصال وكانا محاطين بشبكة كهوف وأديرة وأماكن دينية أخرى، وكان ارتفاع التمثالين يصل إلى 55 و38 مترا، ولا يزال بالامكان اليوم رؤية بعض الرسوم الجدارية.

وكان يستقطب تمثالي بوذا سياحًا من العالم بأسره يسلكون “مسار الهيبي” في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وكانوا يأتون بأعداد كبيرة لزيارة التمثالين والكثير من الناس كانوا يوفرون لهم الطعام وأشياء أخرى في مقابل المال، وكان الوضع جيدا ويستفيد منه الجميع من تجار وسائقين ومالكي أراضي وغيرهم، وكن وصول طالبان إلى الوادي مع اسلحتهم الثقيلة غير المشهد تمامًا في باميان.

ولكن كان مشهد انفجار تمثالي بوذا مخيفا حيث انتشر الدخان والغبار، وبعدها تردد صدى الانفجار الضخم في كل أرجاء الوادي، بعدما كان التمثالين جميلين ومصدر أمل للسكان.

وبعدها أعاد أبناء المنطقة من الشيعة ابناء المدارس واستفادوا من المساعدات الإنسانية ورمموا أحد المواقع القليلة التي لا تزال تستقطب السياح الأجانب رغم الحرب التي تستمر بنهش البلاد، فيما يعتبر الوادي النائي أحد أقل مناطق البلاد خطورة الآن، ورغم الذي حدث من سنين لا يزال موقع التمثالين في الجرف الصخري يستقطب السياح على غرار مناظر باميان الخلابة المناسبة للتنزه.

تاريخ تمثالى بوذا في باميان
تاريخ تمثالى بوذا في باميان

تاريخ تمثالى بوذا في باميان

كان التمثالان الأثريان منحوتان على منحدرات وادى باميان فى منطقة هزارستان فى وسط أفغانستان، على بعد 230 كم (140 ميلا) شمال غرب العاصمة كابول، حيث بنى التمثال الأصغر سنة 507 ميلاديا والأكبر 554 ميلاديا، عندما كانت منطقة باميان مركز تجارة بوذى فى تلك الحقبة، وتعتبر المنطقة جزءا مما يعرف بممر الحرير أو طريق الحرير التاريخي، كما عانى التمثالان من دمار شديد عبر القرون لكن حركة طالبان هى التى أجهزت عليهما.

تاريخ تدمير التمثالين

في البداية وتحديدا عام 1997، أعلن أحد قادة طالبان فى المنطقة عن نيته تدمير تمثالي بوذا، وذلك قبل سيطرته على الوداى، وبعد سيطرة طالبان على وادى باميان سنة 1998 دمرت طالبان رؤوس التماثيل بحجة أنها مخالفة للشريعة الإسلامية.

حيث أصدر الملا عمر، فى يوليو 1999 مرسوماً لصالح الحِفاظ على تماثيل بوذا، لأن السكان البوذيين فى أفغانستان لم يعودوا موجودين، وبذلك لم تعد تعبد التماثيل، لكن فى 6 مارس 2001 نقلت صحيفة ذى تايمز عن الملا عمر قوله “يجب أن يكون المسلمون فخورون بتحطيم الأصنام، ويجب حمد الله أننا قد دمرناها لهم”.

وبعد 15 عاما وبالتحديد فى عام 2016 على عملية التدمير قامت اليونسكو بمحاولة إعادة بناء تمثالى بوذا المحطمين فى أفغانستان وقدمت عرضا ضوئيا بالصين تكلف للمرة الأولى نحو 120 ألف دولار.

باميان
باميان

اماكن تراثية في أفغانستان

تستطيع آلاف المواقع والمعالم الأثرية القيمة التي تضمها أفغانستان أن تروي قصص حضارات وشعوب سكنتها على مدار 5000 آلاف عام، ولكن تهدد هذه المواقع الأثرية العريقة بالاندثار أكثر من أي وقت مضى لأكثر من سبب، إما لضعف الإمكانات أو بسبب العامل الأمني والسرقات وغياب الصيانة والترميمات الدورية أو حتى المناخ.

ومن أبرز المعالم الأثرية في أفغانستان: مسجد بول خشتي، وحديقة بابر “كابل”، ومآذن وابراج النجمية “غزني”، وقلعة إختيار الدين “هرات”، ونبع معاذ الله “كابيسا”، وقلعة بست “هلمند”، وتخت رستم “سمنغان”، والمسجد الأزرق أو مقام الإمام علي في مزار شريف “بلخ”، ومئذنة جام في ولاية غور التي يصل ارتفاعها 65 مترا، وأنشئت في الألفية الأولى للميلاد، وتماثيل بوذا في ولاية باميان.

بعد انهيار حكومة طالبان بدأت الحكومة الأفغانية مشروعاً طموحاً لتوثيق وإحصاء الصروح والمعالم القديمة في البلاد، واستطاعت حتى الآن توثيق 1560 منطقة أثرية في عموم البلاد.

اترك تعليقا