الرحالة و المسافرون العرب

أرمنت الحيط : جزيرة الشمس المشرقة وخزينة الملوك في غرب الأقصر

أرمنت الحيط | كتب: عبدالله أبوضيف عن رحلة جديدة للرحالة، هذه المرة من بلدة غير معروفة للرحالة المصريين على نحو كبير، لكنها ذكرت بمواصفات في التاريخ المصري وارتبط بها أبناء الحضارة القديمة، فهي أرمنت الحيط غرب مدينة الأقصر العاصمة الجديدة لمصر قديماً، فكانت مقسمة إلى عدة مناطق، الأقصر أو طيبة مركز الحكم التي يقع فيها حاكم الدولة، وفي الغرب منها المدافن والمقابر.

قصة خزنة الملك أرمنت الحيط بالأقصر

بمساحتها التي تبلغ 60 ألف متر تقريبا يعيش عليهم أقل من 20 ألف شخص فقط، تطور اسمها المنطوق في اللغة المصرية القديمة “أنوكعت” ليصبح “أرمنت” حين سيطر العرب على مصر وتحولت بالنطق العربي إلى ما هي عليه الآن، ومع ذلك بقى للقرية ميزة خاصة، ميزتها عن أنحاء الدولة، لكن من أين جاءت هذه الميزة؟

تعد مدينة أرمنت الحيط هي خزينة الملك ومنها يتم إدارة بيت المال للدولة، فيما استخدمها فرعون موسى مثلما ذكرت الأساطير في جلوس السحرة في الواقعة الشهيرة، وسكنها الصف الثاني والثالث من كبار المسوؤلين في الدولة القديمة. لذلك تكثر فيها عمليات سرقة الآثار غير المنتهية  حتى الآن.

أرمنت الحيط الأقصر
أرمنت الحيط الأقصر

لماذا سميت أرمنت الحيط بهذا الاسم

تطور الاسم الذي تم استخدامه لأرمنت أشهر المدن المحيطة بمحافظة الأقصر المدينة الآثرية الأكبر في العالم، قد مرت مدينة أرمنت شأنها سائر المدن المصرية بعدة مسميات فكان اسمها القديم «أنوكعت» أي مدينة الشمس المشرقة ثم سميت «أيون منت» أي مدينة الآلة منتو وكانت عاصمة الإقليم الجنوبي وكانوا يسمونها المدينة لأنها أم المدائن في العصر الإمبراطوري المصري وسميت في اليونانية (هرمنتيس) ثم تحولت في القبطية إلى هرمنت وفي العربية إلى دمت أو أرمنت.

السياحة في خزينة الملك بالأقصر 

تمتلك المدينة عدة مناطق آثرية هامة يمكن للرحالة زيارتها خلال رحلتهم لمدينة الأقصر، فور الوصول، فما عليهم سوى الركوب إليها بأجرة لا تزيد قيمتها عن 5 جنيهات فقط، بينما يقع معبد القرية في بدايتها، ثم مسجد العمري الذي يعد من أقدم المساجد الإسلامية على مستوى مصر ويعبر في بناءه عن الفن الإسلامي والزخرفة بكافة أشكالها.

فهي جزيرة وضعتها الطبيعة وسط نهر النيل بالكامل فتحيطها المياه من جميع الجوانب، كي تصل إليها تستقل أولاً  معدية نهرية واحدة تعمل منذ الصباح الباكر وحتى التاسعة مساءاً فقط يومياً، والتى تخدم أكثر من 20 ألف مواطن.

كما تحمل الجزيرة مساحات واسعة من حدائق الفواكه داخلها المانجو والموز، باقى المدينة عبارة عن شوارع صغيرة.

وقديماً كانت أرمنت الحيط تحمل بوابة ضخمة بنفس تصميم قوس النصر الشهير بباريس عاصمة فرنسا تعلوه ساعة شمسية دقيقة لكنها اختفت مع الزمن.

معبد أرمنت الحيط

بُني معبد أرمنت الحيط في مراحل متعاقبة . فأول من بناه كان  الملك (نب حتپ رع) أو (منتوحتپ الثاني) مؤسس الأسرة الحادية عشر وأقوى ملوكها. كذلك أكملت البناء الأسرة الـ12 بالدولة الحديثة ليكون مقراً لعبادة (منتو) إله الحرب لدى المصريون القدماء.
لكن تحطم هذا المعبد في الفترة المتأخرة من حكم الأسرة الـ30، لكن تم إنشاؤه ثانياً في عهد (نختانبو الثاني) . كذلك أكمل البطالمة بناءه فأضافت إليه كليوپاترا السابعة بيت أو معبد ولادة “ماميسي” لابنها (قيصرون ـ بطليموس الخامس عشر) مع بحيرة مقدسة ، وقد كان محور هذا المعبد متعامدًا مع هيكل معبد (مونتو) القديم.

مسجد العمري .. أول مسجد بنى فى العهد الإسلامى بالأقصر

مسجد العمري بالأقصر
مسجد العمري بالأقصر

مئذنة عتيقة تتكون من جسم سفلي مربع ارتفاعه 5.10 أمتار، يعلوه طابق مربع، وفوقه  طابق أسطواني بارتفاع 8 أمتار، تشغل ثلثه الأخير من أعلى شرفة خشبية محمولة على أجزاء خشبية يعلوها طابق مثمن بارتفاع متر ونصف المتر ويتميز بأضلاعه المقعرة. فهي المأذنة القديمة لأقدم وأهم مسجد أثري في صعيد مصر، الواقع على كورنيش النيل بمركز إسنا جنوب الأقصر.

ومن خلال 99 درجة من الطوب تستطيع صعود الماذنة العتيقة المُحاطة بمقدمة من الخشب.ويبلغ ارتفاعها25 مترا، وتتميز بسلم داخلي يدور حول عمود بالوسط تلتف حوله درجات المئذنة التي تصعد من باب الدخول حتى القبة.

فيعود أساسه إلى بداية وصول المسلمين الأقصر في عهد “عمرو بن العاص”، فهمو يحمل مئذنة قديمة جدا، جعلته مبنى اثري ضمن المزارات السياحية بمركز إسنا يهتم لرؤيته الزوار.

كذلك تحمل الأقصر ثلاثة مساجد عمرية أثرية منها المسجد العمري “العتيق” في مركز إسنا، والمسجد العمري في “أرمنت الحيط” تم بناؤه في العهد الفاطمي وبناه “عبيد بن عبد الله”، وكذلك المسجد العمري في “أرمنت الوابورات” وهو الأخر تم بناؤه في عهد مصطفي فاضل شقيق الخديو إسماعيل عام 1855 بتوقيت بناء مصنع السكر، وحتى الآن الثلاثة مساجد لازالوا بحالة جيدة.