الرحالة و المسافرون العرب

فتحي أبو زيد يواصل رحلته لسوريا: دمشق كما لم تسمع عنها

رحلة- فتحي أبو زيد:

في صباح اليوم الثالث في العاصمة السورية، دمشق, اكتملت مناعتنا ضد الأكاذيب، التي نسمعها عن سوريا في الإعلام, وتأكدنا أن مازال هناك شعب يعشق الحياة. الطلبة يذهبون للمدارس والجامعات والموظفون يداومون فى عملهم, بل وأكثر، دار الأوبرا بدمشق مستمر بعروضها الفنية.

 

كنت محظوظ جدًا لكوني قريب من دمشق القديمة وسوق الحميدية حيث عبق التاريخ السوري يفوح بمحيط المكان، وتداخل الحضارات يتجلى فى ألوان جدرانها.

استمتعت بالفطور الدمشقي، قبل أن أتوجه مباشرة إلى قصر العظم، وهو من أهم القصور الدمشقية، يقع جنوبي الجامع الأموي بجوار سوق البزورية. داخل جدران القصر عالم آخر يعكس الحياة في دمشق خلال العهد العثماني، فهناك غرف للغناء والقهوة وقاعة تجهيز للحج, بالإضافة إلى الحمام الشامي الشهير.

 

ينقسم القصر إلى جناحين رئيسيين، الحرملك وهو الجناح المخصص للنساء، والسلملك وهو جناح الضيوف. شيده والي دمشق أسعد باشا العظم عام 1749 وسكنه وبقي فيه حتى اغتالته السلطة العثمانية خنقاً في الحمام.

أنهينا جولتنا داخل القصر، وتوجهنا لمتحف الخط العربي. سألت الموظف: “أديش التذكرة استاذ” و أخدتها بـ 100 ليره كأي سوري, أيحتوى المتحف على مخطوطات اثرية رائعة توضح تطور الخط العربي على مر التاريخ، بالإضافة إلى مخطوطات عربية حديثة.. “حماة الديار عليكم سلام” تزين واجهة المتحف.

 

الآن يمكننا الذهاب إلى “بكداش”، وهو أشهر محل بوظة (آيس كريم) فى دمشق، تأسس في أواخر القرن الـ 19، داخل المحل ترى مراحل صنع البوظة الدمشقية من البداية وحتى طاولتك إن استطعت الحصول عليها, فالحصول على طاولة فى بكداش أصعب من الحصول على تذاكر مباراة مصر والجزائر، ولكن بالطبع “المصري معروف بجبروته.. 200 ليرة لأحد العمال وكانت الطاولة جاهزة. 😀

بعد الغذاء كنا على موعد مع الحمام الدمشقي، وهو أسطورة دمشقية بامتياز عمرها مئات السنين, حمام البخار والماء الساخن في برد دمشق له متعة خاصة، ستخسر كثيرا إن انتهت رحلتك بالشام ولم تدخله.

بعد الحمام الدمشقي الرائع كان علينا الاستمتاع بمطنقة “باب توما”، هي رائعة أخرى من روائع دمشق، ركبنا “الباص الأخضر” من أسفل جسر الثورة باتجاة باب توما. حياة أخري هناك, المنطقة تعج بالكنائس القديمة والتماثيل الصغيرة للسيدة مريم تزين شوارعها, قرأت الفاتحة أمام تمثال السيدة العذراء، ثم انصرفت.

تابعنا السر داخل شوارع باب توما التاريخية، محلات الصاغة والمقاهي القديمة على يمينك ويسارك، أحدثهم عمره مئات السنين تتوارثه الأجيال. بعد ساعتين من المشي في باب توما أخيرا وصلنا لباب شرقي، ركبنا نفس الباص الأخضر وعدنا للسكن.

جميلة هي دمشق, ولا يمكن لأحد مر من هنا أن يمنع قلبه عن عشقها، أو تذكر لياليها الرائعة، حتى رائحة الياسمين ومياة عين الفيجة التي تروي دمشق, تحكم على قلبك بالمؤبد داخل أسوار عشقها.

انتظرونا في الحلقات القادمة من سوريا.. بلاد الحب والحرب.

اترك تعليقا